الزمان:
صورة أبي على الحائط
مثبت بالمسامير
محبوس في جلبابه المشقوق
هو بنظرته الغائمة
التي ارتديتها بلا إرادة
حتى انطبعت على جلدي
تلك النظرة هي عيني الضائعة في المكان .......
المكان:
جسد أمي المفتوح على السماء
المصنوع من الشمس والقمح
المكان هو ذلك الجسد،
الذي خرجت منه بلا إرادة
هذا الجسد هو غربتي،
الممتلئة حد الموت ............
بين أبي وأمي،
سأكتب قصيدة ضبابية
جلباب أبي فارغ من أبي
حين كنتُ
مضيئة كالفضيحة،
لينة كصوت الجدة في المساء،
بوجه رومانتيكي،
يشبه أفلام الأبيض والأسود
كانت الحياة تقدم نفسها بسخاء:
جدران البيت رطبة دائما،
كان من الممكن فركها في يدي،
(ثمة بيوت كثيرة هدمتها،
عندما كنت أذهب إلى النوم،
لأصحو في بيت آخر، والعالم،
لم ينهدم أبدا، كنت ممتلئة،
بشهوة الهدم لكي أصنع الحكاية)
النوافذ مفتوحة على السماء،
السطوح محفزة على الصعود،
من أجل الخفة،
التي تشبه لحظة الأورجازم،
كانت الحياة سخية،
وجلباب أبي ينز بالعرق،
جلباب أبي فارغ من أبي،
أبي جلباب ينز بالعرق،
أبي فقير والحياة سخية،
لماذا لم تمنحيه شيئا أيتها الحياة؟
في الصباح،
كانت أمي تمرركِ من ثقب إبرة،
تحيك لنا أثوابا بدائية،
نتجول فيها لأعوام،
ولا نتركها حتى يفتتها الزمن،
كانت أثوابنا هي الوطن،
في المساء،
ننتظرك على عتبة البيت،
لكنكِ كنت بعيدة دائما!
لماذا لم تأتِ ليلا أيتها الحياة؟
كان أبي،
يفتش عنكِ في الأرض،
يقضي يومه في الحفر،
يكوم التراب،
يضع فوقه الماء،
يبني بيتا جديدا،
ينحني كثيرا من أجلك،
وأنتِ لم تأت!!
ظل يحفر وينحني،
يحفر وينحني،
حتى أصبحتِ أنتِ الحفرة!!
هل أرضاك هذا أيتها الحياة؟
لنؤمن أنكِ سخية من أجلك فقط،
من أجل ديمومتك،
لنؤمن بالهزيمة المستحقة،
لننحن كي تمري أيتها الحياة
ما بين السماء والأرض
منذ ثلاثين عامًا، كنتِ محنيةً على ماكينة بدائية، تغزلين غناءك الأصيل، في أثواب النساء البدينات، فيصبحن أكثر خفّة، غناؤكِ كان يحرر الأبدان، من طبقات الزمن، كنتِ تمنحينهن الخفَّة فيمنحنني قروشًا، فأقفز في الشوارع، هناك ما بين السماء والأرض، يتطاير كل شيء، آتي إليكِ، كما كنت أحلم دائمًا، لكنكِ لم تتركيني دون أن تخدشي فرحة الطبيعة.
نتبادل الفضائح
أمد يدي لليل،
يتسع جسدي ويضيع،
في زوايا المدينة المنحنية،
ويبقى اسمي في حلق أمي،
كصوت يتيم ......
أمر على رجال معتمين،
مغلقين كحقائب قديمة،
يمزقون يوما،
ينتظرون آخر،
يلتفون حول أنفسهم،
ثم يضيعون مثلي،
ضياعنا محتوم يا أصدقاء،
ينتظرنا في نهاية الطريق،
ليكون الموت صاخبا،
اهدأوا
الأمر لا يستحق عناء أن نترك شيئا خلفنا؛
نيتشة المسعور،
الذي نهش الحياة بضراوة،
لم يحجب الشمس بحبره الأسود،
ماركس شُنق بحبل العدالة،
"كامو" ظل يبحث عن المعنى،
وحين اقترب سال دمه على الطريق! ............
الزمن:
رجل يرتشف كوبه بمرارة،
شوارع مفتوحة على الموت
أقدام لا تصل أبدا
أربعة جدران
وسرير تتقلب عليه امرأة جائعة
إنه بيتٌ مفتوح،
سيغلق بعد قليل
أقولها بوضوح: الزمن يساوي صفرا
والسخرية مغطاة بالكفن
يعريها متسولو آخر الليل،
حين يمدون أياديهم ويقولون: لله
السخرية ذلك اللسان المر،
لم تعد قادرة،
على حذفي من تلك الصفحة ........
المدينة تتحلل بهدوء
تنفرط كحبات الذرة،
ولا شيء ينفذ إلى قلب العابر،
العملات الصعبة محبوسة
والبضائع الثمينة،
أبي أيضا محبوس في قبره،
وفي وقت لاحق ستحبس أمي،
أبي وأمي زمان مفرود على جسدي،
سنوات قديمة تشبه الجلد الميت،
دماء محبوسة،
بصمات لا تهم أحدا
هما صورتي الأصلية،
مزقتها في لحظة خاطفة من عمر السماء والأرض،
لأمر عليكم في الليل،
أبدد العتمة بصوتي،
أوزع عليكم أشيائي الثمينة،
ولا أمنح شيئا: لله،
ثم أفتح حقائبكم المغلقة،
ونتبادل الفضائح،
تعالوا لنتبادل الفضائح،
سأحكي لكم عن فضائحي،
الكبرى والصغرى،
ولتخبروني،
كم يبلغ وزنها،
في ميزان الرب،
عندما أبعثرها في الساحات،
هل يمكنها أن تصبح أرغفة ساخنة للجوعى؟
سأصل معكم إلى النهاية: كم يبلغ ثمني،
عندما أمحو السنوات القديمة؟
يأس
يدان مبتسمتان
قدمان مفتوحتان على الطريق
لكن الحياة كانت أمس!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.