خاطرة «الحب الملعون».. خواطر وجدانية

عندما يتسلل الجبن إلى قلوب البشر، يفتح لظلم بابًا واسعًا في عقولهم، فتتحول أجسادهم إلى هياكل خاوية، بلا قلب ينبض بالشعور، بلا ضمير يقاوم الغضب والغيرة، وبعقل يهاجم العالم بلا وعي، فقط ليشبع رغبته في ردود الأفعال.

كثُر الموت في زمننا، ولكل عصرٍ سببه الخاص. في الماضي، كانت الحروب تُزهق الأرواح، سواء للغزو أو للاستقلال. أما الآن، فيُقال إن الحب هو السبب. ولكن أي حب هذا الذي يدّعون؟! إنه ليس حبًا، بل تملّكٌ مقنّع، حب الشهوة التي تدفع الإنسان إلى أسوأ أشكاله.

الشهوات كثيرة، وأخطرها رغبة الاحتكار والتملك. يدّعون أن هذا عشقٌ، لكنه لعنة، وهم اللعنات بعينها. في عصرنا هذا، أصبح الجميع ملوثًا، من الحكام إلى الشعوب.

الملعونون هم أولئك المتملكون الذين يرون الحب حقًا شخصيًا الذين يقتلون من لا يخضع لرغباتهم، يقتلون المؤنسات الغاليات بأبشع الطرق، تحت راية زائفة للحب لم تمسهم يومًا. إنها راية التملك، تنكّرت في ثوب الحب، لتتحكم في الأرواح وتزيف المشاعر.

الحب الحقيقي ليس تملك قلب امرأة، فالقلب متغير كالبحر الهائج، لا يمكن لأحد السيطرة عليه. الحب الحقيقي يكمن في تملك الذات، في السيطرة على النفس، وفي السعي لامتلاك الدين والكرامة، وليس في استعباد شخص آخر.

أما المستغلات الملعونات، فهن من يستدرجن الضالين إلى بحارهن الملبدة بالغموض والرعود. لا يأخذن ما يردن عنوة، بل بخداع النسيم الهادئ، فيسلبن كل شيء دون رحمة.

والأهل الجبناء هم جذر هذا الداء. إنهم من يتركون بناتهم عرضة للإيذاء، يسيرون داخل الحائط خوفًا على حياتهم. ولكن أي حياة هذه التي تخشون فقدانها، وأنتم لا تدافعون عن فلذات أكبادكم؟! أنتم القتلة الحقيقيون لأولادكم، أنتم من تركهم بلا حماية في غابة لا يحكمها سوى الأقوياء. القانون لا يحمي الضعفاء، ومن يرضى بأن يكون عبدًا للخوف هو في الحقيقة ميتٌ يسير على الأرض.

الحب في جوهره هو حلم الجميع، هو دفء الوجود وسعادته، وهو أيضًا عذابه وألمه. الشباب والإناث على وجه الخصوص يحتاجون إلى الحب، إلى ذلك الحضن الذي يحميهم، وإلى أذنٍ تصغي إليهم في أوقات ضعفهم وقوتهم. الحب ليس تملكًا أو شهوة، بل هو السكينة التي تمنح للحياة معناها، والعذاب الذي يجعل الشعور حيًّا.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة