خاطرة "الجائزة الكبرى".. خواطر وجدانية

- إلى ذلك الذي يحمل المسك براحتيه وبقلبه. 

- إلى من تفوح من روحه وقلبه أجمل العطور. 

- إلى من يجعلك تُخرِّج أجود ما عندك.  

- إلى من حين يريد اللَّه أن يكافئك يضعه في طريقك.

كلماتي اليوم تحمل الكثير من العرفان، لكل من كان سببًا في صقل شخصياتنا سواء كان بمحبة أو بغيرها ففي النهاية نكون قد حصلنا على درس في الحياة نضيفه لمجموعة الدروس التي تعلمناها وما زلنا على مدار حياتنا، فحتى ذلك الذي هدفه الإساءة فإنه يسدي لنا أكبر معروف من حيث لا يدري، ويكون هو قد ملأ صحيفته بما شاء ليعرضها يوم العرض، حتى إننا نرى البعض حين تتوه بهم الخطى أحيانًا، نراه يستعد ويتأهب لاستقبال درس في الحياة فهو يدرك أن ما يمر به لهي رسائل من خالقه ليزداد علمًا وحكمة، ويزداد صلابة وتترسخ أقدامه أكثر فأكثر في الأرض. 

ولأن تجارب الآخرين هي بمثابة الدرس المجاني الذي بإمكاننا الحصول عليه، فها هو ذلك الخياط يلقن حفيده درسًا في الحياة. 

يُحكى أن خياطًا أراد أن يعلم حفيده حكمة عظيمة على طريقته الخاصة وفي أثناء خياطته لثوب أخذ مقصه الثمين وبدأ يقص قطعة القماش الكبيرة إلى قطع أصغر كي يبدأ بخياطتها، وما إن انتهى من القص حتى أخذ ذلك المقص الثمين ورماه على الأرض بينما الحفيد يراقب بتعجب ما فعله جده، حينها أخذ الجد الإبرة وبدأ في جمع تلك القطع ليصنع منها ثوبًا، وما أن انتهى من الإبرة حتى غرسها في عمامته، وفي هذه اللحظة لم يستطع الحفيد أن يكتم فضوله وتعجبه من أفعال جده فسأله:

- لماذا يا جدي رميت مقصك الثمين على الأرض بينما احتفظت بالإبرة رخيصة الثمن ووضعتها على عمامة رأسك، فأجابه الجد: 

- يا بني إن المقص هو الذي قص قطعة القماش الكبيرة تلك وفرقها وجعل منها قطعًا صغيرة، بينما الإبرة هي التي جمعت تلك القطع لتصبح ثوبًا جميلاً. 

إن رمز المقص هو نافخ الكير مثله مثل ذلك الصديق الذي يبدو للوهلة الأولى لا مثيل له، لكنه في الواقع هو مؤذٍ أكثر منه نافعًا، فالكير صحيح أنه يؤجج ذلك الشرر ليجعل النار متقدة لتؤدي ما عليها، لكنه يترك وراءه رائحة الدخان وسخام النار التي تعلق بالثياب، فالصديق السيئ يُفرِّق ويلوث روح صاحبه ويؤذيها. 

أما رمز الإبرة فهو حامل المسك مثل الصديق الذي يجمع ويلم الشمل، الذي فقط وإن مررت بجانبه فستعلق الرائحة الطيِّبة بك، فبقربه تكون روحك جميلة ومُحَلِقَة. 

يا اللَّه ما أروعه من تشبيه فهو الصديق الجيِّد الذي تنهل منه ما حييت من محبة وطاقة إيجابية، وأفكار نيرة، وبفضل اللَّه تعالى ترى الكون جميلاً. 

إن كلماتي هذه لهي غيضٌ من فيض، وهي عرفانًا لذلك الذي يحمل المسك فتعلق الرائحة بكل من يجالسه، وإن لكل منا صديق من منظوره الخاص، 

فأحيانًا يكون الأب هو ذلك الصديق، أو تكون الأم أو الأخ، المعلم، الزميل، والجار، أو حتى أخ لم تلده لك أمك. 

لكن أن تملك صديقًا نابعاً منك وهي ذاتك فقد ربحت الجائزة الكبرى، فهي من تحفِّزك وتدفعك إلى الأمام، صحيح أنها تقسو عليك أحيانًا لكن لا بأس طالما الهدف هو النجاح والارتقاء.

جاء في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري عن الرسول ﷺ أنه قال: "إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً".

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة