أن تتصالح مع نفسك يعني أنك أقمت السلام في عالمك.
لا يهم ما الذي يجري حولك، انظر ما الذي يجري بداخلك، وستدرك أنك أحوج الناس إلى نفسك في الاعتناء والرعاية وإلى ترويضها من جديد.
كن كالبئر، لا تُعطِ الماء إلا لمن ألقى دلوه وطلب المساعدة منك، أما من استغنوا عنك وتركوك في منتصف الطريق ومنتصف الحلول، فأسدل الستار عليهم، وغض الطرف عنهم، وامشِ في طريقك كأنك ما مررت يومًا بساحتهم ولا بفنائهم.
ولتعرف نفسك، عليك أن تخوض التجربة؛ فربما تشيخ الروح وما زلت في ريعان شبابك.
أن تكبر ذهنيًّا يعني ألَّا تقف على روتين يومي مملّ. لا بد من التغيير والالتحاق بركب من حذوا في تطهير وتزكية أرواحهم وأنفسهم حتى صقلوها وتصالحوا معها، فذلت لهم أيما إذلال.
يقول أحد السلف: "جاهدت نفسي عشرين سنة، فذلت لي عشرين سنة" أو كما قال حسب معنى كلامه.
فليس المهم أن يكبر بعينك كم أقضي من العمر في إصلاح نفسي، ولكن المهم أن تصبر نفسك، وألا يمر عليك يوم إلا وقد جنيت منه ثمرة تحاسب بها نفسك من سلبيات تعتريها، وأن تدفع بها وترفع من شأنها في إيجابيات أنجزتها.
كما لو أنك في مسألة حساب مضنية قد أمضيت فيها عدة محاولات لكي تصل إلى حلك الأخير والأنسب، لتشعر فيما بعد بنشوة الإنجاز ولذة النجاح المبهرة. كذلك النفس، عليك أن تمضي معها المحاولات والمسائلات اليومية وتطرح عليها الحلول والمقترحات المجدية بالنفع والفائدة.
قد يقول قائل: لماذا كل هذه التعقيدات المثيرة للأعصاب والأفكار المنهكة للروح؟ والبعض ربما قد يراها مثيرة للاهتمام وموضوعًا قد لامس نقطة وجعه. والبعض قد يأخذها على انحياز ويرى أن النفس مجرد كفتي ميزان قد تثقلك أحيانًا بمتاعبها، وقد تجلب لك الاستقرار الذاتي.
وأنا أقول: إنما أخبرتكم بذلك لأني قد خضت التجربة، وتمحصت في أغوار النفس وسبلها المتعددة، ووجدت أن الصبر مع الكفاح والجهاد والنضال هو الحل لكبح جموحها وإعادة برمجتها برمجة سوية خاضعة لآرائك وتوجهاتك دونما ضرر ولا ضرار. وكل هذا يحصل ويكمن في فضل الله ومنِّه عليك، وفي قوتك الدافعة نحو حياة سعيدة ونفس منصاعة لا تغويك ولا تهلكك في أي وقت تعلق فيه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.