خاطرة "التسول".. خواطر اجتماعية

التّسوّل ظاهرة منتشرة في العالم أجمعَ تقريباً، وأصبح ظاهرة يصعب القضاء عليها، وكان الشّخص المتسوّل في نظرنا هو الّذي لا يملك قوت يومه، ويطلب المال أو الطّعام من العامّة، لكنّ هذا المفهوم تغيّر الآن، ولم يقتصر على هؤلاء الأشخاص فقط.

بينما كنت أسير في إحدى شوارع المدينة الّتي أقطن فيها، استوقفني شابٌّ مهذّب وسيم، وبصحبته فتاة شابّة، وطفلة صغيرة أعتقد أنهم زوج وزوجة وطفلتهما.

وأخبرني الشّابّ أنّه فقد محفظته، ولا يملك المال لكي يذهب هو وعائلته إلى بيتهم، وطلب مني أجرة المواصلات وعنواني لكي يردّ إلى المال، أعطيته المال والعنوان وذهب في طريقه.

وأكملت طريقي، ولكنّي دخلت في صراعٍ داخليّ وتساؤلات كثيرة، هل هذا الشّابّ صادق أم كاذب؟ هل هو متسوّلٌ أم أنه حقيقةً فقد محفظته؟

وبينما أنا حائر تذكّرت تلك الفتاة الّتي استوقفتني أيضاً قبل الشّابّ بأيّام، وتقريباً كان لها نفس الطّلب، فهي لا تملك المال لتذهب لبيتها.

أدركت أنّه أسلوب حديث للتّسوّل، فتيات وشباب يدّعون فقد أموالهم؛ لكي يطلبوا مبلغاً محدّداً من المال لا لكي تعطيهم ما تريد أنت، بل ما يريدون هم منك.

وأغلبهم حسن المظهر حتّى لا يعطوا مجالاً للشّكّ بأنّهم متسوّلون، إنّها عمليّة نصبٍ متكاملة، وأدركت متأخّراً أنّي وقعت في براثن نصبهم.

لا أدري كيف يفكّر هؤلاء، وكيف يستحلّون المال الحرام على أنفسهم، ألا يفكّرون في الآخرة، وأنّهم سيحاسبون أمام الله على كلّ المال الّذي أخذوه دون وجه حقٍّ، ألا يملكون عزّة النّفس والكرامة، فالتّسوّل ضياعٌ للكرامة أوّلاً.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ". رواه البخاريّ ومسلم.

ولم يقتصر التّسوّل على هؤلاء فقط، بل تطوّر إلكترونيّاً، وانتشر على كثير من مواقع التّواصل الاجتماعيّ إمّا في هيئة رسائل أو منشورات لشخص لا يملك الإيجار وسيطرد من بيته، أو سيّدة تربّي أيتاماً ولا تملك المال، أو لإجراء عمليّةٍ جراحيّةٍ أو...، إلخ.

وهذا ممّا نراه يوميّاً، وللأسف أغلبها عمليّات نصبٍ، وأصبحنا لا نعرف الصّادق من الكاذب، لذا لا نثق بهم.

لقد أمرنا الله بالصّدقة، وفضل الصّدقة معروفٌ للجميع، ولكن علينا أن نتصدّق لمن يستحقّ سواء أكانت الصّدقة لأشخاص أم مؤسّسات.

وأن نتحرّى جيّداً حتّى لا تذهب لمن لا يستحقّ، يوجد أناس كثيرون يحتاجون المال بشدّة، ولكنّهم يملكون عزّة نفس وكرامةً خياليّةً، يحسبهم الجاهل أغنياء من التّعفّف، هؤلاء من يستحقّون.

احذروا جيّداً من أساليب التّسوّل الحديثة عافانا الله وإيّاكم، وكفانا بحلاله عن حرامه، وأغنانا بفضله عمّن سواه...

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
Apr 2, 2023 - محمد عبد الله الصناعي
Mar 29, 2023 - ابراهيم عبدالرحيم ابراهيم
Mar 29, 2023 - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
Mar 28, 2023 - أ . عبد الشافي أحمد عبد الرحمن عبد الرحيم
Mar 28, 2023 - ابراهيم عبدالرحيم ابراهيم
Mar 27, 2023 - احمد عبدالله محمد درويش
Mar 27, 2023 - مايكل ميلاد جرجرس عوض
Mar 27, 2023 - أ . عبد الشافي أحمد عبد الرحمن عبد الرحيم
Mar 27, 2023 - رايا بهاء الدين البيك
Mar 26, 2023 - عادل عبدالستار العيلة
Mar 26, 2023 - ابراهيم عبدالرحيم ابراهيم
Mar 26, 2023 - فتح الرحمن محمد أحمد عثمان
Mar 26, 2023 - سمر ممدوح عبداللاه
Mar 23, 2023 - ابراهيم عبدالرحيم ابراهيم
Mar 20, 2023 - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
نبذة عن الكاتب