خاطرة «البكاء».. خواطر وجدانية

فن البكاء، يوجد هناك من يتصنع الحزن ويبكي حتى لا تجرؤ على المطالبة بحقوقك منه، فالبكاء ليس مجرد عين نتضح بالماء أو تسيل بالدموع، قد يكون تعبيرًا عن الخوف أو شعور بالقهر أو بالمرارة والذل، لكنه في النهاية يسمى بكاء.

وأنت مطالب ألا تبكي لأنك رجل، ويجب أن يكون البكاء من وظيفة النساء، لكنني أرى أن البكاء تعبير عن قلب رقيق يتأثر بهموم من حوله، فسريع البكاء ليس قاسيًا أو فظ القلب، لكنه إنسان غارق في نهر المشاعر الإنسانية، لكن البعض ينكر عليه ذلك، ويتمنى أن يكون مثله، لكنه يجبن حتى لا ينعته البعض بأنه ضعيف.

البعض يستتر حتى لا تفضحه عيناه ويُكتشَف أنه إنسان طيب القلب، وأنه كان يبدو وكأنه جامد لا يلين، ويوجد هناك من يجيد فن التمثيل بأنه يبكي على الرغم من أن دموعه مصطنعة، لكنها وسيلة لتحقيق مصالحه، لأننا دائمًا نتعاطف مع صاحب الدموع الغزيرة ونقول عنه أنه "مسكين" وأن دموعه تغلبه، ولو كان شرسًا ما دمعت له عين.

لقد درس هذا المتحايل الأجواء من حوله، وأراد أن يحقق مصلحته، وعمل بمبدأ «الذي تلعب به اكسب به المهم لديك هدف واعرف كيف تفوز»، إذا ادعيت القوة ووقفت تناضل وعملت أنك فارس لا يشق له غبار تحالف الجميع ضدك، لكن إذا أظهرت ضعفك فيمكن أن تتسلل بهدوء ودون مشقة تنجح في التقدم البطيء، لكنك ستكون الفائز المكتسح للساحة وهذا ما تسعى إليه.

أما إذا رفعت أنفك وأبديت الآنفة فسوف يقسو عليك الجميع، وستكون مثل الليمون في الخلاط الكل لا يدخر جهدًا حتى يزيحك إلى الخلف إن لم يتمكن من نسفك نسفًا، كما يقولون «المسمار البارز لا بد من الطرق على رأسه بالشاكوش».

عمومًا هي مدارس في الحياة، البعض يرى أن يكون مرفوع الرأس ولا ينحني حتى لو هبت العواصف عليه من كل اتجاه، ويرى أن العمر واحد، وأن التاريخ سوف يتحدث عن الرجل صاحب الكبرياء الذي مات دون أن ينحني، لكنه ترك أولاده في العراء لا حول لهم ولا قوة، ولم يترك لهم درهمًا ولا دينارًا، لكنه ترك أبناء رضعوا السخط وتغذوا على الكراهية، فمستقبلهم معلق لأن لا رجاء يتكؤون عليه، وعلى كل واحد منهم أن يتعلم من نتائج تجربة معاناة والدهم ويستوعب الدرس؛ حتى لا يورثوا الفقر للجيل القادم.

أكيد ستخرج أصوات متعارضة بين الأبناء، بعضهم سيرفض أن يمضي في الطريق الذي رسمه والدهم؛ لأنه لا يريد أن يعاني، والبعض سيقول إن والدي صاحب رسالة، وأنه مات مقهورًا، وعليَّ أن أرد له كرامته حتى يرتاح في مقبرته، ومن ثم قضيتي الثأر من المضطهدين الخاذلين له.

وكل جانب مصمم على تحقيق أهدافه، ويحدث بينهم الفراق، وتنقسم العائلة التي جمعها راعيها على المبادئ، وتبدأ مرحلة جديدة من الدموع الغزيرة على تفتت الأسرة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة