خاطرة "الاتجار بمشاعر الأطفال".. خواطر اجتماعية

شاهدتُ من نحو شهرين أو أكثر مقطعًا مؤثرًا عن أب وابنه يبكيان بحرقة، يقول الطفل: "لا لا تتركني".. ووالده يجيب: "سأتركك عند أمك التي أخذتك مني بقوة المحكمة". استمر بكاءهما طويلًا، وفي آخر المقطع قال الطفل: "لا تمت يا أبي"، ثم أغلق الأب الهاتف سريعًا.

هذا المقطع لم يؤثِّر بي لأني شاهدت رجلًا وطفلًا يبكيان، فأنا لا أتأثر -للأسف- سريعًا، بل أثرت بي كلمة الطفل الأخيرة؛ فالأب قال لابنه -على حسب تخيلي- "إذا أخذتك أمك بالمحكمة سأموت".

هذا المشهد التمثيلي الحقيقي تمثيل من جهة الأب وحقيقة من جهة الابن، وحقيقة أيضًا من جهة واقعنا المرير، فهو يحدث كل يوم تقريبًا، ويحدث كثيرًا في حالات الطلاق.

-أنا لا أعممفعندما يحدث الطلاق، ينشب حرب بين الأم والأب، ويستخدمان الأبناء كالجنود الموجهة؛ كن معي يا بني، فأنا أمك التي تحملت العناء من أجلك، ومن ثم تحاول حرمان الطفل من أبيه تمامًا.

كن معي يا بني، فأنا أبوك، وأنا صاحب السُلطة المالية؛ ستعيش في نعيم مقيم معي، ومن ثم يحاول حرمان الأم من ولدها.

وأحيانًا يترك الوالدين أولادهما عند أجدادهما؛ ليكملا حياتهم الخاصة ويهتمان بها

والجدير بالذكر، أن الإتجار بمشاعر الأبناء يحدث أيضًا في حالات الطلاق الصامت، أو الزواج المصاحب للصراعات، فيبدأ كل طرف بإظهار الجانب المظلم في الطرف الآخر، غير مبالين بأن هذا الطفل مرتبط ارتباطًا جذريًّا بالأم والأب، فيدهسان مشاعر أبنائهم بكل قسوة.

ويحاول كل طرف ابتزاز الطفل ماديًّا، إما عن طريق حرمانه من المال، وإما إغداقه عليه.

أعلم أن هذه المساوئ تظهر أمام أعين الأطفال كالشمس، ومن طبيعة الإنسان أنه يحب أن يحكي ويقص، سواء بالصدق أو بالكذب.. ما هذا الفساد؟!

فلا تطلق طفلك مع أمه، ولا تخلعي طفلك من والدهفشئت أم أبيت هذا أبوه وهذه أمه.

وعندما أباح الله الطلاق، لم يقل لك لقد أطلقت سراحك من أبنائك الذين في عاتقك!

بل علمنا الله تعالى وقال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] 

فإذا انسلخت من زواج عليك مراعاة مسؤوليتك تجاه الأطفال، وإذا تزوجت بأخرى، فلا تخضع لها في ترك أطفالك مخافة أن طليقتك سترجعك إليها.

وإذا تزوجتِ بآخر، فلا تتركي أطفالك من أجل أي رجل.

وبعد الطلاق والترك، وفي حالة وجود أطفال، يجب أن يكون بينكما سراح محسن، وعلاقة أبوين متفقين على مصلحة الأبناء، ولا يحق لأي طرف أن يجذب الأطفال إليه.

فالصغير بحاجة شديدة إلى رعاية والدته ومال أبيه ووجوده، وعندما يكبر يحتاج الشاب إلى دعم أبيه ووجود أمه، فلا ذنب له أن الاختيار خاطئ من الأساس.

ولا يحق لك أيها الأب أن تحرم أبناءك من أمهم، أو من مالك؛ للضغط عليها وللانتقام منها.

ولا يحق لكِ أيتها الأم أن تحرمي أبناءك من والدهم، أو إهمالهم للانتقام منه.

اتقوا الله لعلكم تفلحون.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة