الأهرام وأبو الهول والكتابة الهيروغليفية وورق البردي... إلخ. إنجازات تسجل للحضارة الفرعونية.
الكتابة المسمارية والعربة والمحراث والتقويم... إلخ، إنجازات تسجل للحضارة السومرية.
نسمع عن الحضارة الإسلامية وأن المسلمين كانوا أسياد العالم في القرون الوسطى، ونسمع عن علماء فطاحلة مثل الخوارزمي وابن حيان وابن سينا وابن الهيثم والرازي... إلخ.
بلا شك كلها إنجازات هائلة، بيد أنها إنجازات تتصل بالعصور التي تحققت فيها، وهي عصر الفراعنة وعصر السومريين وعصر العباسيين، ولا تمت البتة للعصر الحديث بصلة.
من أسهم بها بشر مختلفون، في عهد مختلف، وبنظام حكم مختلف، وبزمن مختلف، وبلغة وثقافة مختلفة.
إنجازات تحسب لمينا ورمسيس الثاني وتحتمس وحتشبسوت وأمنحتب وإيتانا ولوغال باندا وجلجامش وهارون الرشيد والمأمون والمعتصم بالله والمقتدر بالله... إلخ.
أي إنجاز هو ثمرة عصره الذي تحقق فيه.. لا يمكن أن تجرجر وراءك إنجازًا مدة ألف عام.
الأمم المتقدمة اليوم تتسابق في شتى الميادين، وتعمل للحاضر والمستقبل ولا تلتفت للماضي إلا لأخذ العبر.
أمة تفاخر بالوصول للفضاء، وأخرى بصناعة صاروخ باليستي، وأخرى بإنتاج لقاح لكوفيد، ويأتي بعض الأشخاص الآن ليتفاخر بهرم خوفو، أو يتفاخر بمحاولة عباس بن فرناس الطيران، التي جرت في القرن التاسع للميلاد.
ما نفع التاريخ وما نفع الحضارة حينما يكبلاني ويمنعاني من السير في طريق التقدم والازدهار؟
الحضارة يفترض أن تكون حافزًا لي لصناعة تاريخ عظيم، كما صنع الذين أتوا قبلي، لا أن تكون الحضارة معطلًا لي.
الفراعنة والسومريون والعباسيون وغيرهم، اخترعوا ونحتوا وبنوا وزرعوا واكتشفوا، ثم رحلوا، وسطر التاريخ إسهاماتهم في صفحاته، فلا يليق بالأجيال التي أتت بعدهم أن تكتفي فقط بالتغني بإنجازاتهم وترديدها.
حينما يفلس الإنسان أو يكسل، وعندما يكون الحاضر بائسًا، فإنه يلجأ للماضي، لعله يعوض فشله باستعراض إنجازات مضى عليها آلاف السنين.
ولهؤلاء نقول: اتركوا الماضي واصنعوا لكم مجدًا، بدلًا من أن تتغنوا بأمجاد قديمة، مكانها المتحف أو قسم التاريخ في الجامعة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.