خاطرة «اغتيال العمر».. خواطر وجدانية

أحيانًا يجد الشخص نفسه محاطًا بقوالب بشرية محددة، وليس أمامهُ خيارات سوى أن يكون مثل هذا أو ذاك، أو يتعلم مثل فلان، أو يتقن مهارة علان، ولكنهُ في فعل ذلك ينسى نفسه، ويغطي على قدراته، ويتغافل عن اكتشاف طاقاته، ويُحمل نفسهُ فوق ما تطيق؛ لأنه يجبرها على فعل أمرٍ لم تُخلق من أجله.

فيمضي في الحياة كمن يُقل نفسهُ باصًا للمواصلات، وهو يملك سيارتهُ الخاصة المركونة أمام بيته، حتى إذا مر عليهِ الزمان وقرَّر أن يكتشف نفسه، وجد ذاته كتلك السيارة التي أصابها الصدأ، ونبتت على جنباتها الأعشاب، فلا يستطيع أن يحركها، وإن فعل يكون قد خسر كثيرًا في سبيل إصلاح ذلك.

فكلما اكتشف الإنسان طاقته وإبداعه وقدراته وشغفه في مراحل مبكرة، سهُلت الحياة أمامه، فالأعمال التي تُقدم بحب، غالبًا ما يكون مصيرها النجاح.

يوجد كثير ممن لا يستفيق على إمكاناته وقدراته ويعرف طاقاته وإبداعه إلا بعد أن يتخرج من الجامعة ويبدأ بالعمل، ليس لأنه يُصدم بالوقع فحسب، وإنما لأنه لم يجد شيئًا يبدع من أجله، فلا مردود ولا شغف ولا حب، فيحدث الملل، ويغيب وهج الإبداع، ويبدأ التخبط والبحث عن أعمالٍ بعيدة عن التخصص رغبةً في المردود فقط.

فكل عمل يقوم بهِ الشخص يكون إما من باب الشغف والرغبة وإما من باب المردود والعائد، فإن غاب الشغف أدى دوره المردود والعكس، أما غياب الجزأين معًا، فيقود المرء إلى سلوك طُرق جديدة، تضمن له أحد الجزأين في الأقل.

فنسبة الشغف في الشيء هو ما يجعل من المرء أسطورة في إتقانه ونقلهِ نحو التميز، وحصولهِ على فرص أفضل في الحياة.

لهذا إن استطعت أن تكتشف طاقات أحدٍ ما فأخبره، فربما كلمتك تنقذ بعض عمرهِ من الضياع، وتفكيرهُ من التخبط، وتسهل عليه اختيار الطريق المؤدي إلى نجاحه.

أختمُ بقصة تقول يروى أن رجلًا خرج للتنزه في ليلةٍ من الليالي، فمر على رجلٍ آخر يبحث عن شيءٍ ما تحت ضوء المصابيح في الشارع، فسأله عما تبحث، فأجابه بأنه يبحث عن مفتاحهِ المفقود.

عرض عليهِ المساعدة وراح يبحث معهُ عن المفتاح المفقود، وبعد ساعة من البحث المضني بلا جدوى.

سأله: هل أنت متيقِّن أنك أضعتهُ هنا، فنحن قد بحثنا في المكان كله ولم نجده.

فأجابهُ الرجل: كلا، لقد فقدته في المنزل، ولكن الإضاءة هنا أفضل تحت ضوء المصابيح!

إنهُ يعلم أين أضاع المفتاح ومع ذلك يبحث في مكانٍ آخر بحجة الإضاءة!

وبمثل هذا التفكير تُهدر الطاقات، ويُغتال العمر!

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

جميلة ومحفزة للمُضى للأمام
بالتوفيق والنجاح
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة