في بعض الأحيان تهبُّ رياح الغضب بين اثنين ربط بينهما الحب في غفلة من الزمان، وقيَّدهما بالمشاعر الجميلة والكلمات الحالمة، التي تحول كل شيء إلى صورة جميلة، وتجعل كل طرف منهما يوفر كل طاقته الإيجابية إلى الطرف الآخر، ويسمعه معسول القول، حتى لا يتمنى الطرفان الافتراق وإن للحظة واحدة كما يقولون: "إن مرآة الحب عمياء"، كل محب يرى حبيبه ليس من البشر، ولا يقل الشك في كلامه، ويزعم أنه لا يستطيع الحياة من دونه لأنه يمثل الأكسجين له.
كل منهما يُنصت بإمعانٍ إلى الأغاني التي تسرد لحظات الحب، ويعيش مع خياله الخصب في عالم آخر، لكن دون سابق إندار تفتر عواطف طرفٍ من الأطراف؛ لأنه قد أفاق من همسات العواطف، وبدأ يرى أن الحب سوف يجعله مسلوب الإرادة منقادًا لحبيبه الذي لم يُقدِّر مشاعره، وبدأ يتنصل من المواعيد أو الأحاديث اليومية بعد أن فقدت الكلمات حرارتها، وأصبحت مكررة، وطالها الملل والضيق، وجد أن حبيبه يرى فيه مجرد بنكٍ متنقل، وأنه في حاجة مستمرة للإنفاق عليه، وإذا حدث تقصير في الإنفاق فإنه يتهم حبيبه أن مشاعره قد بردت وفقدت طاقتها.
هذا التصرُّف يجعل الطرف الذي ينفق يستشعر خطورة من أحبها، فهي ترغب فقط في السهر وتناول الوجبات الدسمة في أفخم الفنادق، وتُريد منه أن يشتري لها أغلى الفساتين، ويُقدم لها كل ما تتمناه، وتُماطل في مبادلته المشاعر، وتقول له إنها لم تكن تفكر في الارتباط به مع أنها تحبه، وهي تريد أن تحافظ على العلاقة الطيبة بينهما دون ذلك تتوقف العلاقات بينهما، وهي بذلك كانت تريد أن تضغط عليه أكثر؛ حتى يزيد من حجم الإنفاق عليها.
وحينئذ قد فطن صاحبنا بعد أن حكى حكايته مع صديقٍ مقرب إليه عن النهج الذي تتبعه معه من كان ينوي الارتباط بها، لكنها كانت تحاول فقط شغله في أمور أخرى، فهي لم تشبع بعد في الحصول على ما تريد، وتتعامل معه بفكر تجاري، مجرد كلمات صماء تخرج على استحياء المهم تفوز بأي مكسب مادي من المحب الولهان الذي بدأت تنتابه ثورات الغضب ضد ما كان يزعم أنها حبيبته الأولى والأخيرة.
لكنها هي التي عاشت معيشة ضنكة أرادت التعويض والانتقام من الرجال، بجعلهم يغالون في حبها؛ حتى تتمكن من جذب مشاعرهم وتقسو عليهم بكل فظاظة، كان من الضروري أن تتعرض إلى صدمة قاسية من إنسان شرس حتى يجبرها على احترام المشاعر.
هي تتحصن بجمالها الزائل، لكنها لا تدري بزوال هذا الجمال، أراد حبيبها الانتقام منها حتى يجعلها عبرة لكل من تحاول تكسر قلوب الرجال، وانتهز فرصة قدومها إلى الفندق الذي اعتاد أن يتناول الطعام فيه، وقد طلبت طلباتها من أفخر أنواع الطعام، أما هو فقد انصرف وتركها في موقف تحسد عليه، من سيدفع الفاتورة الضخمة؟
ماذا ستفعل؟ لقد خذلها وجعل إدارة الفندق تتخذ الإطار القانوني ضدها، وجاءت تُقبِّل قدميه أمام رواد الفندق؛ حتى لا يقبض عليها رجال الشرطة.
لم ترق لي
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.