خاطرة «احتواء امرأة».. خواطر اجتماعية

أشعلت سيجارتها وأسندت رأسها إلى الحائط، وهي تنظر إليه وقد استلقى على جانبه وأعطاها ظهره غير مبالٍ بوجودها، وكأنه فرغ من مهمة ثقيلة ألقاها من على عاتقه ليدخل في سبات عميق. 

كانت تنظر إليه في صمت، لكن عقلها كان يحدثها، وسؤال حالها: لمَ الصبر على تلك الحياة؟ فهي تعيش مع رجل لا تشعر معه بأي إحساس؛ فهو لم يحاول حتى أن يحبها! لقد سئمت الحديث معه؛ فهو لن يتغير أبدًا، فثقافته المحدودة جعلته لا يفهم احتياجاتها النفسية، بل والجسدية.

إنها تشعر بالعطش العاطفي والحسي. لقد حاولت كثيرًا أن تتناقش معه، أن تعبر عما بداخلها وعما ينقصها، ولكن كانت تأتيها الردود إما بالسخرية وإما بالتهكم أو اللامبالاة لما تقول، وكأنها تتحدث مع نفسها، فهو لا يسمع صوتها تمامًا، ولا يعيرها اهتمامًا، فهو لا يريد سوى احتياجاته فقط. 

إن المقدمات بالنسبة له لا تعني له شيئًا، فهو لا يهتم بتلك الأمور، حتى حينما طلبت منه ذلك اتهمها بالمراهقة، ولسان حالها يسأله: وما تفعله أنت معي بطريقتك الهمجية ماذا يمكن أن نسميه؟! فهو لا يحترم مشاعرها، بل إنه لم يهتم ولم يفكر ولو لمرة واحدة ويجهد نفسه ليسألها إن كانت سعيدة معه أم لا، إن كانت تستمتع معه بتلك العلاقة التي يؤذيها فيها نفسيًّا وجسديًّا في كل مرة يقترب فيها منها؟ 

لقد أصبحت ترى فيه نموذجًا للأنانية المطلقة. فالحياة وسنوات عمرها تهرب من بين يديها، وأيام شبابها التي من المفترض أن ترى فيها سعادتها تحترق أمامها. 

لقد حاولت معه كثيرًا، بذلت جهدًا وطاقة على أمل أن يتغير، لكن هذا لم يحدث؛ فقد نفدت طاقة الاحتمال لديها، وأصبحت تتساءل: لمَ الصبر على حياة تعيشها بلا معنى، حياة تعيشها منفردة؟ فهو لا يشاركها أي شيء، فهي له مجرد خادمة تدبر له احتياجاته، فهو لا يعرف سوى نفسه ومتطلباتها.

إنها الأنا والنرجسية المريضة. فلم يُثنِ عليها ولو مرة واحدة، لم يشكرها على طعام أعدته أو مجهود بذلته من أجل الاعتناء ببيتها، فهو يرى أن ما تفعله كل النساء تفعله في بيوتها؛ لهذا لا تستحق حتى كلمة شكر. إنها تكاد تجزم أنه حتى لا يراها أمامه إلا وقت رغباته فقط، فهو إما منتقد أو صامت أو عابس الوجه أو ثائر بلا سبب، والمواجهة معه صارت لا جدوى منها؛ فنهايتها إما شجار وعنف، وإما سب وتجريح.  

اقرأ أيضًا: الزواج العصري مودة ورحمة أم مشروع فاشل؟

سيدي القاضي

ها أنا قد سردت لك تفاصيل حياتي معه التي تحولت لحياة بلا معنى، سيدي القاضي أنا بالنسبة لهذا الرجل الماثل أمامكم مثل تلك السيجارة التي في يدي يشعلها نارًا، ثم يأخذ أنفاسه منها سريعًا حتى دون النظر لها، فإذا وصل لنهايته منها ألقاها وأعطاها ظهره ولم يبالِ. 

وأنا اليوم لا أبالي بنظرة المجتمع لي، المجتمع الذي يدفن أمراضه ويخاف أن يعالجها، المجتمع المتدين ظاهريًّا ويئن ألمًا بعقده النفسية. فإذا كان الطلاق يبغضه هذا المجتمع المريض فهو لم يبغضه لحلاله وحرامه، ولكن لما يحمله من موروثات الخوف من الخزي والعار، من لقب مطلقة الذي جعل كل من تئن ألمًا وحزنًا تدفن أوجاعها حتى لا تحمل لقب مطلقة. وأنا الآن لا يعنيني أن يقولوا إني مطلقة، لكن ما يعنيني هو حقي في الحياة بما يسعدني وليس بما يرضي الناس.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة