منذ اللحظات الأولى التي وقعت عيناي فيها على هذه المخلوقة اللطيفة وهي تحاول أن تفتح جفنيها لكي تستكشف ملامح هذا العالم المتناقض..
منذ هذه اللحظات أدركت أنني أمام اختبار حقيقي ومسئولية كبرى تجاه ابنتي ماديًّا ومعنويًّا.
مسئولية أن أرشدها دومًا إلى الصواب وإن لم تفعله.
وأن الحق حق ويجب اتباعه.. وأن الباطل باطل ويجب اجتنابه.
تقدِّر الجمال وإن لم تصنعه.
مع اليقين بأن ليس كل جميل مثاليًّا أو متاحًا.
تنشر الأمل وإن لم تستفد منه.
فالأمل طريق المستقبل ورفيق الحاضر.
تحب الخير والعمل به وله.
وإن لم تستطع القيام به فلتُشر إليه وإلى أهله ولو من بعيد.
مسئولية تضعني أمام اختبار لا نهاية له ولا فرار منه ما دامت الأنفاس، فلا نهاية لعاطفة إلزامية قدَّرها ربُّ الكون كونها جزءًا من رحمته على الأرض.
ولا فرارًا..
وكيف الفرار من هذا الكم من المشاعر الجياشة من اهتمام وخوف ولهفة واشتياق.. مشاعر أب..
أب يحرص دومًا على تفسير ما وراء الحدث والحديث..
تفسير لا يفرض رأيًا ولا يُصادر رأيًا.
بل تفسير ينير الطريق، ولا يتركها تسير فيه وحدها بل يظل سندًا ومعينًا ومغيثًا وقتما اقتضت الظروف.
أبٌ يحرص دائمًا على أن ترى ابنته الأشياء بعينها لا بعيون الآخرين، ولا تنظر بعيونها لما بين يدي الآخرين.
تحيا بين أمانيها وأحلامها.. ساعيةً مجتهدةً لتحقيق ما تمنَّت، بما لا يتعارض مع مصالح الآخرين أو ينتقص من حقوقهم؛ استعدادًا لمواجهة صعاب هذه الحياة، تبعًا للمقام والمقال.
مواجهة كاشفة وواضحة تصنع لكل حدث مقامًا، ولكل مقال ميزانًا.
مواجهة تقبل الاختلاف وترفض الخلاف؛ فقد خلقنا القدير مختلفين لنتعايش ونتواصل، وأجبرتنا مطامعنا على الخلاف والتناحر والشقاق.
نتائج كارثية من أجل مكاسب هامشية.
مواجهة تؤهلها للاحتفاظ بإنسانيتها مهما اشتدت حدة سياط الحاجة وتعالت أمواج الرغبات والطموح، فتحرص دومًا على أن تظل علاقتي بها فرحة دائمة.
فرحة لا ترتبط بمناسبة أو نتيجة ما..
فكل صباح أراها فيه بخير..
يوم عيد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.