لكلٍّ منا شغف يتبعه منذ الصغر، ولا نعلم إن كان هذا الشغف حقيقة ستتجسد في الواقع يومًا ما أم ستبقى مجرد حلم عاش بداخلنا فقط. لطالما أغمضنا أعيننا لغير النوم، أي من أجل رؤية لحظة جميلة نتمناها داخل عقولنا، قد تكون تلك اللحظة من أجمل اللحظات التي تراودنا، ولسنا نحن من نفرض وجودها لكننا نستطيع تحقيقها أو إجهاضها قبل الولادة.
ولا يمكننا العيش في الأماني فقط، بل علينا المراوغة مع الحياة وكفاحها مهما اشتدت قساوتها، فإن كان القلب ينبض فما زال الأمل حيًّا.
سمعت يومًا كلامًا جميلًا من شخص قال لي: «مررت بمرض علَّمني قيمة الزمن. نظرت للدنيا كأنها يوم واحد يتهافت عليه الناس كي يعيشوا أطول من يومهم هذا، فقلت في نفسي لو أخبروني بحقيقة زمن الدنيا أنه قصير لهذه الدرجة لكنت عشت أحسن مما فعلت. نحن يا صديقي لا نعلم كم تبقى لنا من زمن على وقت الرحيل؛ لذا فلنعش ما تبقى من عمرنا كما أردنا دون تفكير فيما مضى ولا حيرة فيما يأتي». ترددت هذه الكلمات في أذني حتى لحظتي هذه، وفكَّرت مليًّا في الأمر، فقلت في نفسي يكفي عزاءً ونحيبًا على ما مضى، ولا أحمل همَّ قادمٍ لا أعلم حينه، فلأعش لحظتي وأحقق رغبتي وحلمي وأرى نفسي بعيدًا عن غيري وما حولي وأسمع دقات قلبي التي تدق من أجل لحظات معدودة، ولتكن هذه الدقات فداءً لحلمي.
إن سألتني كيف لي أن أحقق حلمي؟ وكيف لي أن أواجه تلك العقبات التي أراها أمامي؟
أعتقد أن الإجابة لا يعرفها غيرك؛ فأنت الذي ستخطو هذه الخطوات بكل ثقة. عاهد نفسك ووفِّ بعهدك، وتذكَّر هذا العهد في كل لحظة مريرة تمرُّ بها. لا تيأس، وحطِّم جدار الخوف؛ لترى شجاعة خِلتَ أنك لن تدركها يومًا، فكل هذه الصعوبات يرسمها لنا الخوف في عقولنا.
دعنا نكن صرحاء مع بعضنا، فلن يكون الطريق سهلًا نحو الحلم، خصوصًا إذا كان ما نريده عظيمًا، بل وأكبر أحلامنا، بالتأكيد ستكون الصعوبة أكبر وأعقد ممَّا نتخيل. فالدنيا ليست نعيمًا ولا جحيمًا، أحيانًا نعيش حزنًا، وغالبًا نصادف فرحًا، والفرق بينهما أننا نحن من اختار عيش تلك المشاعر. نعم، الحزن والفرح مشاعر تراودنا، سببها مواقف في هذه الحياة.
لكن إن كانت لنا روح قوية فسيصعب كسرها، وإن كانت روحنا ضعيفة فسيكثر حزنها؛ لذا لا تجعل استسلامك سهلًا، فما دمنا أحياءً لا بد أن نقف ونحارب حتى آخر نفس لنا ولآخر لحظة، ولنجعل رحيلنا راحة وانتصارًا لنا.
هكذا رويت لك رحلة البحث عن شغفنا، وما قد نعيشه حينها، وكيف سيكون شعورنا بإدراكه آنذاك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.