إلى أين تتجه عقارب ساعتك؟
تدور عجلة الوقت في سرعة جنونية، ومع ذلك لا ينفك شعور الأمان والأريحية يلازمك، كأنك اطلعت على الغيب، فتعتقد مسلِّمًا أنك تمسك بزمامه، لتستيقظ يومًا وقد مضى العمر فجأة، والأحلام تناثرت.
فهل أنت مدرك إلى أين تتجه عقارب ساعتك؟
وعلى ماذا عدَّلت عقارب ساعتك؟
أغلبنا تصيبه الأريحية تجاه الوقت، لا ندري لماذا؟!
غالبًا ما تكون علاقتك بالوقت علاقة المالك له والمسيطر والماسك بزمام الأمور. فإنك تنجز في أريحية بالغة، كأنك تملك صكَّ تملُّكه. ولأن هذا الاعتقاد راسخ في عقلك، تكون مجهوداتك هزيلة، وليست على مستوى قدراتك؛ ظنًّا منك أن الوقت متاح دائمًا للإنجاز.
فالطبيعة البشرية لا تتعامل مع الوقت على أنه أدة ضغط للإنجاز والتقييم إلا في الضرورات التي تحتم عليه الإنجاز السريع والآني. عدا ذلك تظل علاقتك بالوقت علاقة سطحية، غير مرتبطة بالتنظيم والتخطيط كونها أدوات عملية معتمدة في مشروعاتك.
إن العشوائية أو الفوضوية التي تعتمد عليها في حياتك، لرسم مشروعات دون استراتيجية تخطيطية وتنظيمية واضحة، لن تعود عليك إلا بمحصول إنجازات هزيل لا يلبي المطلوب، وبالتالي تكون قد أنفقت زمنًا من عمرك على لا شيء، وأنت كنت تعتقد أنك تنجز وتبذل.
لكن المحصلة ضعيفة، مقابل مجهود كبير ووقت ضائع دون جدوى فعلية. فتكون قد راكمت جبلًا من التجارب الفاشلة، مقابل زمن من عمرك لن يعود، فقط لأنك لم تتعامل مع الوقت باحترافية واحترام.
وأنت ما زلت بعيدًا عن الهدف، قد تعاود الكَرَّة مرة أخرى أو تيأس، وتتخلى عن الحلم، وتبني مشروعًا آخر مغايرًا، ملقيًا باللوم على الظروف، متناسيًا دورك في ذلك الفشل.
فتُعاد السلسلة ذاتها من محصلة النتائج الضعيفة، والوقت ما زال يمضي سريعًا، وأنت في اعتقادك أنك فاعل إيجابي تجاه ذاتك قبل كل شيء، وتجاه محيطك.
لتجد أنك عدَّلت عقارب ساعتك، على العشوائية وفوضى الأفكار والمشروعات، وانعدام التنظيم، والاستراتيجية المحكمة في إدارة حياتك، ما أفضى إلى إنجازات باهتة وهزيلة، وإهدار للوقت من بنك عمرك؛ لأنك عملت على هدف غير مدروس جيدًا، وتعاملت مع الوقت كحساب مفتوح، تنفق منه متى شئت.
لماذا استفقت متأخرًا؟
ثم فجأة استفقت... وقد تأتي الاستفاقة على أشكال عدة، وتحت تأثير معين:
مقابلة صديق قديم... كلمة... لقطة من فيلم... أو حتى تدوينة على مواقع التواصل، كفيلة أن تزعزع ما اعتقدت لمدة طويلة أنك ممسك بزمامه.
الوقت الذي ظللت تتعامل معه كحساب مفتوح، فجأة تجد هذا الحساب على وشك النفاد أو قد نفد فعلًا، وأنت ما زلت لم تحقق غرضك الأساسي منه؛ فتعيد قراءة الأحداث والمحصلة التي خرجت بها من كل ذلك، لتجد أن الوارد أقل من الصادر في حياتك، وحتى وإن عددتها، فإن أغلبها قد لا يخصك، أو أن درجة أهميته واحد من عشرة على مقياس اهتماماتك.
آنذاك فقط، تستفيق لترى أنك لم تنجز شيئًا ذا قيمة لك أنت، فيما أنفقت سنوات من عمرك على هذا وذاك وهؤلاء، لن تستطيع استرجاعها.
هل أنت مدرك لقيمة عمرك؟
إذا كنت واعيًا بقدرٍ كافٍ، ومدركًا لأهمية وقيمة عمرك الذي منحك الله، وفيما تنفقه، فأنت بالتأكيد واعٍ أن كل ضحكة من القلب تضحكها، أو كل يوم تمضيه بصحة جيدة، وأن كل إنجاز في قائمة أولوياتك حصلت عليه، هو حياة لحياتك؛ لذلك:
• اعرف أهدافك جيدًا واعمل على تحقيقها.
• ثمِّن الوقت جيدًا ولا تهدره.
• لا تُمضِ عمرك سياحة بين مشروعات عدة لا تُشبهك؛ فالعمر ثمين.
• لا تكن الوسيلة لتحقيق رغبات الآخرين (أمك أو أبيك) عمرك ملكك أنت وحدك؛ فلا تضيِّعه على ذمة أحد إلا حلمك.
• لا ترتهن لظروف أو مكتسبات، فما تستطيع إنجازه وأنت في سن الشباب -وإن تنقصك الإمكانات- قد لا تستطيع إنجازه بكل الإمكانات وقد بلغت من العمر عتيًّا.
• تعلَّم شيئًا جديدًا دائمًا... تعلَّم من أخطائك؛ فكل درس وكل تجربة هي رصيدك اللامادي الذي لا ينضب أبدًا.
• أنجز... وأنجز... بما يتماشى ورغبتك وأحلامك، أنجز اليوم قبل الغد ولا تسوِّف، أنجز وافتخر بما أنجزت.
• قدِّر قيمة اللحظة وقيمة الإنجاز من عمرك، تقدِّرك الحياة.
ما ساعة الصفر؟
ساعة الصفر هي زمن انطلاقتك الفعلية، بهدف ذكي ومدروس لحياة ذات فاعلية يمكن أن تصل بها إلى تميز وإبهار.
لذلك اعمل خطتك الذاتية، التي تشبه تقاسيمها هويتك... روحك... شخصيتك... اجعلها محددة بمكان وزمان واضحيْن، واضعًا فيها كل توجهاتك وميولك.
فلتكن بطاقة هويتك الثانية الإبداعية. فأنت جئت إلى هذه الحياة لتنجز وتبدع، وتخلد بصمة.
وحتى لا تكون أي بصمة، اجعلها بصمة فعَّالة تضيف لك ولا تنقص منك، ترتقي بك ولا تحط منك.
فعقارب ساعتك منذ جئت إلى هذه الحياة، تمضي بالسرعة ذاتها، ولا أحد قادر على إيقافها ولو لثانية، فقط كل ما بإمكانك فعله هو أن توجِّهها التوجيه الصحيح، لتكون خادمة لك، لا أنت عبدها.
العمر بنكك الشخصي، فاصرف منه سنوات عمرك، على قدر استثماراتك وأهميتها. فلا تدعها ملكًا مشاعًا لمن أنفق عمره سبهللة.
فأنت لست مسؤولًا إلا عن حلمك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.