فرج علي عمار يونيو 11, 2023, 12:36 م

خاطرة "أيام".. خواطر حزينة

ترانيم النهاية والبداية.. قرع الطبول تتراقص على أثداء شمطاء غانية تبتاع قوت يومها لتستمر بالحياة، وأجراس الكنائس تنفث الغبار عنها يوم رحل روّادها إلى السوق المجاورة على أبواق باعتها الخرص.

جماجم للطهي.. أوسمة للبيع.. المقايضة.. عملة للتداول.. عروس طازجة غيداء للكراء.. ذمم تحت الطلب للأغنياء..

طوابير الفقراء بالمقابر على عجل من أمرها ترقب دورها.

وأنا بينها أحمل أزهاري الذابلة أجوب بها الشوارع والأزقة علَّني أجد غانية تبادلني الجنون والمجون.

دمية شقراء تبتسم وقد شدني جلوسها وجسدها الممشوق وهي تعرض مفاتنها على واجهة محل لبيع الأقمشة، ابتسمت وقد غمرتني فرحة جارفة، فأزهاري ما زال بها رمق الحياة.

حاولت في خجل أن ألمس ضفائرها فأهديها ورودي وأحلامي.

هممتُ في خجل وكانت نبضات قلبي تكاد تسبقني إليها، ما إن مددتُ يدي وباقة أزهاري المتراقصة حتى هوت واجهة المحل وتناثرت قطع الزجاج هنا وهناك، وهي تكرع في نهم دمي.. مجنون مجنون مجنون.

أرقام زائفة، انحناءات، فانكسارات لا متناهية، أحرف راقصة صماء على ألحان خرساء تلهمني النشوة والارتخاء..

أراقصها حينًا وأكلمها خلسة فتنهار باكية لبعض حين، ثم تتسلل إلى عالمها القاتم، أحاول عن التودد والتملق علَّني أنال منها فتوهمني القبول والاستسلام حينها أستجمعُ قوتي وعنفواني لأغوص في نوم عميق.

هي الذكريات تجتاحني وتحنو على أدمعي الجارفة الجريحة؛ لأنها قاسمتني أوهامي وأشجاني، تعرف لغتي حتى أسمائي المستعارة تعرفها..

جبان حين اخترت الانسحاب والهروب، حين تقمصتُ دور الضحية والفريسة، حين توسَّمت الرحمة في وحوش الغاب وقرابين الأصنام وبعض بقايا البشر، حين انتعلت أصابعي والتحفت خزري المتهالك ألملم جراحه الغائرة وأخيطها.

تأكدتُ أن الحياة والموت سواء روح بلا حياة وحياة بلا روح هذا ما فرق بينهما.. وأنا بينهما لا أفقه كنه الحقيقة! جبان حين انتهيت قبل البداية يوم التقينا رسمتُ اسمك على صدري وشمًا فغاص الوشم إلى الأعماق وامتطى روحي.

وصرتُ يومها ملكًا لعيونك العسلية، وبريقها الأزلي ينير دربي ويورثني الحب والهيام، النجوم كلها لم تعُد تشع، لا القمر ولا الـشمس إلا حبك أمدني النور..

والأمل علَّمني الصبر والرجولة، صرت ضرغمًا وقلب عصفور بريء، تعلقتُ بك وبحبال حبك الأبدي اعتقدت.. لأستفيق على بقايا خصلات شعرك الباقيات بين أصابعي وأنت تنسابين بينها وترحلين.

بقلم فرج علي عمار

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة

لايف ستايل

ما تعريف الحب؟ وما علاماته؟

ديسمبر 11, 2023, 11:41 ص - جوَّك لايف ستايل