تُمثِّل القراءة عند البعض متعة؛ لأنها تجعله يعيش في عالم واسع يستقي منه معلومات ضخمة، كما أنها حقل واسع لتجارب الآخرين سواء الناشطين منهم أو الخاملين؛ فكل سطر حتى إن كان فيه حروف قليلة، أو كلمات مجهولة تتعرَّف عليها للمرة الأولى، يدفعك لمزيد من الفضول للتعرف عليها، ومن ثم تتجمع لديك حصة واسعة من الكلمات والمرادفات التي تكسبها، وتبني عليها ملاحظات لم تكن تعرفها من قبل.
حينما تقرأ كتابًا لكاتب معين يمكن أن تكتشف مدى ثقافته، وتلاحظ إذا كانت معاناته حقيقية أو دربًا من دروب الخيال أراد أن يشرك القارئ معه فيها، لهذا أنا أكون في دهشة كبيرة حينما أجلس مع البعض وأراهم يسخرون مني لأنني أقرأ كثيرًا من الكتب في مجالات عملي وغير مجالات عملي؛ فهم لا يدركون أن العلم مرتبط ببعضه سواء في العلوم النظرية أو العملية المعملية، ولا يمكن فصلها إلا فصلًا استثنائيًّا.
بالتأكيد أن قراءة الكتب تفتح أبواب المعرفة على مصراعيها؛ لأنها تدفع فضول القارئ لطلب مزيد من المعرفة والتوغل في فهم المجهول الذي لم يسبق له التعرف عليه.
من سوء الحظ أن نعمة حب القراءة لا يمتلكها كثيرون، ولذلك يتغامزون على من يقرأ كثيرًا، ويعدونه يضيع وقته في قراءة ما لا ينفع ولا يفيد، وأنه سيحلق في دائرة الفقر فقط لأن العلم لن يسعفه في الحصول على المال سريعًا، وربما مات قبل أن تموت أحلامه التي دفنت معه في قبره.
أنا أتخيل من لم يقرأ طوال حياته إلا الكتب الدراسية فقط دون غيرها ونسي ما جاء فيها، فكان شاغله فقط الحصول على الدرجة العلمية دون غيرها، وممكن أن يتحايل إذا كان بوسعه ذلك.
من المؤكد أن هذا الشخص الذي يخلو ذهنه من المعلومات المفيدة غير قادر على إبداء الرأي في مجالات الحياة، ويكون محاصرًا بالصمت خوفًا من افتضاح أمره.
على النقيض منه تجد الشخص الذي يقرأ كل يوم بضع صفحات من كتاب كل ليلة قبل النوم، نجح في تعزيز مستواه الفكري بالمعلومات التي تسهم في فائدة غيره.
يجب اختيار الكتب بعناية، ومعرفة أن الكاتب صاحب فكر هدفه نفع المجتمع والناس، ولا يحشو الورق بكلمات جوفاء. هكذا يمكن أن نختار الكتب بوعي ونبدأ في قراءته ونزيد معرفتنا يومًا بعد يوم.
يوجد بعض الكتب هدفها إحداث نوع من الجدل العقيم فقط؛ لأن مؤلفيها يريدون صنع فرقعة إعلامية فقط من هذه النوعية التي يقبل عليها الشباب لأنها تصنع الإثارة. علينا ألا نغالي في قراءتها، بل نتعرَّف عليها على سبيل المعرفة فقط لأنها ستكون مجردة من المعلومات الهادفة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.