قد يسير الزمان بسرعة قاسية، ما كنت أظن أن تتسارع الأيام بهذه الحدة، وأن يأتي اليوم الذي تفارقني فيه جدتي رحمة الله عليها.
كانت طيبة نيسابورية، لا تعلم عن الدين إلا أن الله هو الذي خلقنا، وهو في السماء، وأننا خُلقنا لنعبده ونسعى وفقط. كنتُ مراهقًا لم أتخطَ العشرين، وكنتُ متكاسلًا ولا أرغب في شيء، وكنتُ أنام كثيرًا.
كنتُ أستيقظ بالصدفة ليلًا فأجدها تصلي وتتضرع إلى الله وتدعو لي أنا وإخوتي، كنتُ أعود للنوم مرة أخرى، ثم أستيقظ فأجدها -رحمة الله عليها- وقد تخطت الثمانين من عمرها، تتوكأ على مشَّاية، وتمشي من السرير إلى الباب، ثم إلى الطرقة، ثم إلى الحمام في ليالي البرد القارس.
وقد أصيبت بخشونة في المفاصل منذ أن كانت في الستين من عمرها، ولك أن تتخيل صعوبة الحركة في هذا السن ومع هذا المرض وأمراض الشيخوخة الأخرى. ومع ذلك، تأبى أن يمر فجر بلا صلاة ووضوء.
كنتُ أنظر من تحت البطانية في عجب وذهول، فأنا أخاف أن أخرج رأسي من تحت الغطاء في هذا البرد القارس، وأقول: من أين لها كل هذا الجلد في هذا السن؟ وأنا كما يقولون بالعامية "ابن إمبارح".
أسأل نفسي دومًا: ألا تخجل من نفسك؟
أسأل نفسي مرات ومرات عن جدتي: هل أفتح عينيَّ يومًا ولن أجدها؟ كان هذا السؤال يطاردني دومًا، لم أكن أتخيل أن يأتي يوم لا أراها فيه. كيف لا أطل عليها، أو يبدأ يومي بغير قبلة على يديها وجبينها ودعوة منها تعطيني طمأنينة طوال اليوم؟
كانت دومًا تدعو دعوة لا أنساها: "يكفيك شر الخطر مطرح ما تمشي". كنتً أراها حصنًا لي، وكنت أطمئن كل يوم إذا سمعتها.
كانت جدتي لي معها حكايات وحكايات، لا أعلم كيف مر الزمن على فراقها هكذا! لم أرتب كلماتي جيدًا لأحكي عنها، لكن في المرة القادمة سأفعل حتمًا؛ فهي تستحق مني كل شيء، تستحق حياتي والله.
رحمة الله عليها.
لي لقاء مع جدتي قريبًا، فانتظروني لأحكي لكم.
رائعة
شكرا .انت الاروع
اخدتينى إلى الزمان الجميل زمن
الأجداد ولمة العائلة والحنان
والحب الصادق تحياتى لك
دمتى مبدعة
اشكرك لمرورك الغالي
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.