خاطرة "أنا العقيم".. خواطر وجدانية

أخافُ من كل شيء وتمتلكني رهبة من أي شيء حتى من فكرة تأتي فجأة لرأسي...

لا أعلم لماذا رأسي دائمًا تغزه الأفكار السلبية، أحاول جاهدة تبديلها ومقاومتها، أحدث نفسي ساعات طوال وأشجعها..

أقبع أمام المرآة وأحاول طرد الخوف منها ومعاتبتها كثيرًا ويصل بي الحال إلى الصراخ عليها في صمت ومعاقبتها من رغباتها.. وتنتهي تلك التأملات وتلك النظرات الغاضبة والحرب الباردة التي تشتعل بيننا لنعود أصدقاء ونتعاهد على السلام والرضا فيما بيننا..

فما مضى فقد ولى وانتهى فلا أمل من الوقوف هناك وتذكر تلك الخيبات، وأخيرا أقر بأن هذا كله هو اختيار نعم إنه اختياري.. 

دائمًا أختار الأشياء التعيسة والحزينة لإرضاء نفسي برغم أنني أملك الكثير من الهبات والكرم الرباني..

أفكر فيما ليس موجودًا وأربط سعادتي بالمنشود، أحتاج طفلًا في حياتي وتوقفت سعادتي وضحكاتي عندما لم يأتِ هذا الولد.. شعرت بالحرمان والألم الشديد.. وبدأت المقارنات وأخبرت نفسي أني لست محظوظة وأن ليس لي فائدة وتسرب الحزن إلى شراييني وغارت عيناي ورافقتني تنهيدة وأخذني اليأس إلى مشارف الهلاك.. أنا لا أساوي آلاف النجمات .. فكيف أكون امرأة دون إنجاب؟ ليتني أنجبت حين تزوجت ولم أفكر في المستقبل اللعين؟ ماذا أكون أنا دون طفل؟ هل للحياة معنى؟

وكثرت التساؤلات وتشعبت الأحاسيس الحزينة وضاق بي الحال..

ونمت كثيرًا حتى لأيام تاركة نفسي وخزعبلاتها تتراقص بي وكأنها انتصرت بالضربة القاضية..

كلما أرفع رأسي عن وسادتي تخبرني أن لا أمل لي فهذا العيش... فأنا الناقصة.. وأنا العقيم.. فهي كلمات صواعق تضرب الظهر فتقسمه وعواصف تحطم جميع المراكب وتجعل منها ركامًا يسكن ظلمات البحار.. وتكاتفت عليا الهموم وتكالبت عليَّ ألسنة البشر وهمزاتها وهمساتها في تلك الأروقة المظلمة، حيث يأخذني السمع هناك وكنتُ أجلد نفسي بتلك الكلمات الجارحة التي تقال خلسة عني.. 

وكنتُ أبتلع غصة عميقة وأصطنع ضحكة صفراء تسر الناظرين.. وفي الظاهر كان الكل يواسني ويقدم لي النصائح والتجارب السابقة لي وأني لست الوحيدة الناقصة في هذا العالم، وخلف الستار كنت أرى الشفقة، وأحيانًا الاستهزاء، وأحيانًا أخرى الدونية..

قرأتُ ذات مقولة تقول فيما ما معناها أن السعادة هي اختيار كل شيء، وأن الحياة هي ابتلاء فلا راحة ولا سكون فيها، وأن الإنسان هو الذي يختار أن يكون سعيدًا راضيًا أو ينتظر الأفيون..

عندها فقط أدركتُ ما أنا فيه وسألت نفسي لماذا خلقني ربي؟ هل لأعذب هذه النفس التي وهبها لي؟ فهل أنا ناقصة بالفعل؟ هل سعادتي تتوقف على إنجاب الولد؟

استدركت وقلت مرت تلك السنون ولم يكن هناك ولد وكنت سعيدة..

إذا لماذا أربطُ سعادتي بوجود الولد؟ هل حقيقة أني أنا العقيم التي لا تساوي آلاف النجمات؟ من يثبت ذلك؟ نظرت خلفي إلى الطريق التي أتيت منها فوجدت الكثير من الإنجازات والعقوبات والنجاحات والتميز.. فاستغربت كيف وصلت هنا ؟ تلك التي صقلها الوقت واكتسبت طريقة عيشها وحققت انتصاراتها لا تكون سوى بطلة.. نعم البطلة الكاملة.

لماذا أترك الموجود وأبحث عن المنشود؟ فأنا أعيشُ حياة جميلة حرم منها غيري.. فلماذا لا أكون سعيدة؟

أحب الكثير من الأشياء ولكني لا أفعلها لأني أبحثُ عن المفقود وآتيه بين دروب البحث فتضيع سعادتي وتذهب نفسي بعيدًا وتتملكني تلك الأفكار التعيسة والكوابيس المزعجة ويجفى النوم عني ويرتفع ضغطي لا لشيء إلا لأفكار خاطئة سكنت عقلي.

أنا كاملة بفكري وإنجازاتي وقررتُ أن أعيش حياتي، والإنجاب ليس وصفة للكمال ولكنه رزق من رب الكون فإن أتى فله الحمد وإن تأخر فأكيد رحمة ربي أوسع من كل شيء..

كوني سعيدة.. كوني أنت.. فأنت الأساس وكلها مكملات..

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
ديسمبر 8, 2023, 11:38 ص - نور الدين شعبو
ديسمبر 7, 2023, 11:33 ص - حبيبه شريف
ديسمبر 7, 2023, 9:03 ص - رايا بهاء الدين البيك
ديسمبر 6, 2023, 7:11 ص - لجين منير شاكر
ديسمبر 6, 2023, 5:39 ص - شيماء دربالي
ديسمبر 4, 2023, 12:50 م - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 4, 2023, 9:30 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
ديسمبر 4, 2023, 7:21 ص - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 2, 2023, 3:30 م - قدوه نمر الشعار
ديسمبر 2, 2023, 8:20 ص - سندس إبراهيم أحمد
ديسمبر 2, 2023, 7:52 ص - نور الدين شعبو
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:42 م - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 15, 2023, 12:21 م - ساره محمود
نوفمبر 15, 2023, 11:00 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 9:50 ص - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 15, 2023, 9:05 ص - سمسم مختار ليشع سعد
نوفمبر 15, 2023, 8:56 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 15, 2023, 7:54 ص - عمرو عبد الحكيم عوض التهامي
نوفمبر 14, 2023, 4:39 م - رزان الفرزدق مصطفى
نوفمبر 14, 2023, 4:16 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 14, 2023, 1:22 م - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 14, 2023, 9:41 ص - أسماء مداني
نوفمبر 14, 2023, 6:27 ص - أسماء منصور علي
نوفمبر 14, 2023, 5:24 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 11:17 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 6:43 ص - رؤى مالك القاضي
نبذة عن الكاتب