خاطرة "أرواح الجمال".. خواطر وجدانية

مهلًا أيها القلب الغضوب، لا تسرع، فإني في ميادين الحياة حالِمًا أتصنع. يذهب خيالي إلى كوكب الأحلام ولا يرجع، إذ يرى هنالك حياةً فيها الحب يسطع، فيها الجمال على سائر جبين الأحياء يلمع، فيها الصدق ينبت دون أن يُزرع، وفيها العطف ظلٌّ لمن أراد أن إلى السلام يتطلع، وفيها الكلام النبيل بالقلوب ينطق وبالعيون يُسمع، وفيها أرواح من فارقونا ترفرف ببسمة إن الخلود في أثرها يطمع، ولهم بهاء تصطف له الورود وتركع، ولهم صفاء لن تزل كواكبهم باتساعه تتسع، ولهم حضور في حياتنا كان هو الأجمل والأنفع، ولهم خروج من حياتنا كان هو الأسرع والأوجع، ولهم نصيب عظيم من فكرنا يطيب له الدمع. فمهلًا يا قلبي، إني أرى الآن طيرانهم وأسمع.

إن الحياة في أركانهم نور، ولا يضل سبيلهم عن السرور، ولا يزور أجسادهم فتور، ولا تتسع لأملاكهم عصور، ولا يراود سعادتهم غرور، ولا تغشى نواياهم قشور، دائرين بقلب الجمال وبهم يدور، ناثرين وصايا النور في الصدور، مشفقين علينا من دنيا أعظم من عليها حقير، وأغنى من فيها فقير، وأكبر من فيها صغير، وأبصر من فيها ضرير.

مهلًا يا قلبي، لعلي في طيفهم أغفو، وإني في بقاع سمائهم أسمو، فلست أنجو من علوي نحوهم ولست أرجو، فإن الجنة حولهم ترقق، وإن بيانهم إلى الحق أسبق، وإن حبالهم في الإخلاص أوثق، وإن حديثهم في الجدال أرفق، وإن يقينهم من الجبال أعرق، وإن الجمال من حبهم يفلق، وإن الحنين بالتفاتهم يشرق، وإن الأسى من تبسمهم يحرق، وإن الرزق في مناحيهم يغدق، وإن الله على جناتهم ينفق، وإنهم حبنا الموثوق والمطلق، وإنهم في أيامنا نسمات بنا من أنفسنا أرق.

مهلًا يا قلبي، فاللقاء بهم شفاء، والنظر إلى ألوان أعينهم كفاء، والتأمل في كواكبهم رجاء، والتدبر في ذكراهم رخاء، والحياة من بعدهم شقاء، والصبر على فراقهم قضاء، والشوق إلى حديثهم فضاء، والأخذ من تذكرهم عطاء، والحق في رحيلهم بقاء.

مهلًا يا قلبي حتى تنفد في وصف حبهم الأسماء، ومهلًا حتى نعاود بهم اللقاء...

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يا لها من كلمات عذبة رقيقة
أبدعت استاذى الفاضل
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة