خاطرة "آنا كارنينا رؤيه خاصه".. لا تفوتك

آنا كارنينا.. كانت تلك الرواية للعبقري تولستوي هي أول شيء أقرؤه في حياتي عندما كنت في سن الخامسة عشرة، وكنت سعيد الحظ أن تكون تلك الرواية -التي صُنِّفت أنها الأعظم- هي باكورة ما أقرأ. 

وبحسب المؤرخين فإنها الرواية الأعظم في التاريخ؛ لأنها لم تأخذ صورة أو شكلًا معينًا، بل رسمت إطارًا واضحًا لعدة عناصر اجتماعية وعاطفية، وصلت في حدتها إلى  الصراع بين العقل والقلب، بين حياة تعسة وقلب ينبض بسعادة الحب، وهو الصراع الذي لم يُحسم حتى الآن.

وقد وصف ديستوفسكي تلك الرواية بأنها عمل أدبي لا تشوبه شائبة.

أرى أن تولستوي قد ذهب في روايته إلى أن الحب نعمة ونقمة، ورغم مرور ١٥٠ سنة على تلك الرواية لم يجد أحد الإجابة: هل هو نعمة أم نقمة؟

رُفضت الرواية حينذاك؛ فقد كان المجتمع الروسي مجتمعًا متحفظًا إلى حد كبير، وأثارت الرواية ضجة في المجتمعات العربية، بل وهاجموا تولستوي ووصفوه بالمُنحلِّ على الرغم من أنه كان يدقُّ ناقوس الخطر، وأبرزَ بشدة الصراع الذي يجري في أعماق الإنسان بين العقل والعاطفة، وكانت الرواية تتسلسل منطقيًّا من الصراع إلى التعقيد إلى الحلول.

إن "آنا كارنينا" رواية واقعية خالدة تُبرز سؤال: هل للحب قيمة؟ وهل يُضحَّى من أجله؟ ويأخدك تولستوي في رحلة مكتوبة عن تناقضات النفس البشرية، ويترجم فيها الألم النفسي والعاطفي والمسببات، ولو تعمَّقت في رؤيته ستجد أهوالًا لا تزال تعيش بيننا.

هل يمكن الهروب من زواج فاشل إلى حب ممنوع؟ أم سيجرُّ ذلك إلى عواقب مأساوية؟

وهل يوجد نسق أخلاقي للحب؟

وهل يستطيع أحد أن يمنع نفسه من أن يحب؟

كلها أسئلة لم تجد الإجابات الشافية الوافية، ولكنها تبرز التناقض البشري والأمراض الاجتماعية. ورغم مرور قرن ونصف على تلك الرواية فلا تزال المجتمعات العربية رافضة لتلك الفكرة من أساسها، ولا تجرؤ على مناقشتها، رغم القناعة التامة بوجودها؛ ولكنها ثقافة النعام.

وقد مُصِّرت الرواية بحرفية وإتقان في فيلم "نهر الحب"، وقد برعت فيه نوال.

الفيلم والرواية لم يُجيبا عن السؤال المهم:

كيف يجب أن تعيش حياتك؟ في النور باهظ الكلفة، أم تحت مصابيح الظلام؟

ولكن تولستوي أعلنها مدوية:

لكي تعيش بنقاء ضمير يجب أن تقتحم، وأن تصارع، حينها فقط تتخلص من العبودية وتصبح حرًّا بحقٍّ وضمير مرتاح.

ربما قدَّم جزءًا من الحل، أو ربما زاد التناقض، لا أعلم.

وأجمل ما قيل في الفيلم المصري "نهر الحب" وهو ما قالته نوال، وما كتبه تولستوي "ليبقى البشر السر العظيم، فإن أرادوا حياة فليفسحوا في قلوبهم مجرى لنهر الحب".

ولعل اللغز الأكبر هو إجابة السؤال:

ما هي السعادة؟

ستجد آلاف الإجابات، ليس من بينها نهر الحب.

هل ستنصفون يومًا نوال ولو بعد مائة عام أخرى؟

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة