حين يلهث القلب خلف سراب الحياة.. خواطر وجدانية

متى يتوقف القلب عن الركض؟

في عمق الصمت الذي يغمرنا عند هدأة الليل، حيث لا شيء سوى هدوء العالم وصخب الأفكار، نتساءل: إلى متى يظل القلب يركض بلا هوادة؟

هل نحن نركض نحو غايات واضحة، أم أننا نحيا في سباقٍ عبثيٍّ، نخاف فيه من التوقف أكثر مما نبحث فيه عن النهاية؟

حين ننظر إلى أنفسنا في مرآة الروح، نجدنا محاطين بأثقال أحلام لم تتحقق، بأطياف طموحات زحفتْ بعيدًا عنا، وأحيانًا، نبدو كمن يُمسك بقبضته ماءً ينساب من بين الأصابع، فلا يكاد يبقى منه سوى أثر البلل، يسكنه شعور بالعدم.

تُرى، هل ندرك أن الجري أحيانًا نحو الأهداف الخاطئة قد يكون أشد ألمًا من التوقف للتأمل؟

نتساءل: لماذا نحمل على أكتافنا كل تلك الأثقال من الهموم والطموحات الزائفة، وكأن السعادة تكمن فقط في كل ما لم نبلغه بعد؟ وقد يغمُرنا الحنين لأيام كنا فيها خفيفين، لا نسأل عن الغد ولا نحمل قلقًا من أخطاء الماضي، وكان يكفينا أن نرى السماء، وأن نشعر بنسيم المساء، كي نحيا لحظة نقية كأنها سر من أسرار السكينة.

في زحمة السعي، تغيب عنا حقيقة أن القلب لا يحتاج إلى كثير ليكون هادئًا؛ بل إن السلام ينبع من الرضا العميق بأننا هنا، في هذه اللحظة، بكل تفاصيلها، بأفراحها البسيطة وأحزانها العابرة، نعي أنَّ كل ما هو آتٍ سيحمل في طياته ما يناسبنا ويليق بنا.

فربما، يكمن سر السعادة في التوقف بين حين وآخر، لنراقب سير الحياة ونستشعر نعمها الخفية التي قد لا تُرى بالعين المجردة، بل تحسُّها الأرواح التي تتصالح مع واقعها.

ولربما، من الحكمة أن ندرك أن الراحة ليست في بلوغ النهاية، بل في تذوق الرحلة نفسها، دون ركضٍ مسعورٍ نحو ما لا نملك، ودون خوفٍ من كل ما لم نصل إليه بعد.

أيها القلب، تمهَّل قليلًا، وامنح للحياة فرصة أن تُريك جمالها بعيدًا عن صخب الأمنيات المستحيلة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة