ظهرت المكتبة بطلًا في احتفالات السينما العالمية بالمكتبة بصفتها تمثل الحيز المكاني الأهم للتواصل المعرفي مع الكتاب بشكل مباشر، عبر إنتاج كثير من الأفلام التي كان للمكتبة – كمكان - فيها دور فني يضيف إلى رؤية الفيلم، إلى حد تحمس موقع Librarians In The Movies لحصر وتصنيف فئات الأفلام التي تناولت أمناء المكتبات.
اقرأ أيضًا السينما بين الواقع والخيال والمبالغة في بعض الأحداث السينمائية
إحصائيات أفلام المكتبات وشخصية أمين المكتبة
وصل عدد تلك الأفلام - وفقاً للموقع - إلى 550 فيلماً سينمائياً، رتبت هذه الأفلام هجائياً، وفقاً لتاريخ إنتاج الفيلم وشكل تناول شخصية أمين المكتبة، ومدى مشاركة المكتبة وأمينها في أحداث الفيلم.
كما يقدم وصفاً للمشهد أو المشاهد التي تناولت المكتبة أو أمين المكتبة ضمن أحداث الفيلم؛ ما دفع موقعاً إلكترونياً آخر بعنوان Film Librarian إلى تقديم قائمة بأكثر 10 أفلام تناولت المكتبات وأمين المكتبة في صفحته الرئيسة.
يتميز عن الموقع الأول بوجود وصف كامل للفيلم بشكل عام، وملخص آخر يركز على تناول الفيلم للمكتبات وأمين المكتبة، لكن يحتفظ الموقع الأول بتفوق كمي؛ حيث يقتصر Film Librarian على عدد محدود جداً من الأفلام.
فيلم لديك إيميل You have got amail
يعد فيلم you have got amail أولى التجارب السينمائية التي تجاوزت المكتبة فيها حدودها كحيز لوقوع الحدث، إلى كونها معادلاً موضوعياً مرر الفيلم من خلاله رصد التحول العالمي للتجارة الأمريكية والذي طال تجارة الثقافة والكتب كجزء من تلك التجارة.
لكنه في إطاره الأوسع كان يرصد تحولاً عالمياً تقوده أمريكا من تجارة المحال الصغيرة إلى انصهار الكيانات الصغيرة في كيان واحد كبير، كنموذج مصغر لفكرة العولمة من خلال رصد التغير الطارئ على (المكتبة) كمعنى.
يرصد الفيلم الذي أُنتج في عام 1994 المواجهة بين المكتبة الصغيرة التي تُعنى بتفاصيل زبائنها الذين توارثوا ارتيادها جيلاً بعد جيل، مثلما ورثتها صاحبة المكتبة (ميج رايان) عن أمها.
مواجهتها للمكتبة في صورتها الضخمة الكبيرة المساحة، والتي تسع أماكن عديدة بداخلها لبيع الكتب والألعاب وجلوس الأطفال للاستماع للقصص، إضافة إلى بيع كثير من الأدوات، والتي أقامها رجل أعمال لن يعرف زبائنه ولن يعرفوه ولن يُعنى بفكرة الحميمية من الأساس (توم هانكس).
جاءت المكتبة معادلاً موضوعياً لتغير الزمن ومفرداته، ورغم اتخاذه عنواناً من تعبير شائع على الإنترنت في ذلك الوقت (لديك إيميل)، فإنه كان جزءاً من صياغة رؤية الفيلم عبر دمج الفكرتين، من خلال قصة الحب التي تجمع البطل الجاف العملي الذي يتعامل مع الأمور بشكل حسابي آلي، وبين البطلة التي ورثت المكتبة عن أمها بكل تجليات المكتبة وتفاصيلها المعنوية الصغيرة والتي تخص كل عميل على حدة، وكأنه بارتباطهما في النهاية بعد عدة مفارقات على الإنترنت يشير إلى عدم استحالة دمج الفكرتين (المكتبة الصغيرة على ناصية الشارع ومكتبة فوكس)، أو كأن الفيلم يطرح مساحة للبحث بين هذا وذاك، لا تفقد المكتبة طاقتها المعنوية، وفي الوقت ذاته لا يجعلها مشروعاً منفصلاً عن الزمن بكل مفرداته الحسابية التجارية الجديدة.
بين صاحب مكتبة fox (الثعلب) الذي يلتف على كل المعاني الحميمية للمكتبة، وبين الوداعة في عنوان (المكتبة التي تقع على ناصية الشارع) تقع أحداث الفيلم الذي يصحح المفاهيم التقليدية المطلقة عن الثقافة التي تستغني عن أية سبل مادية لتحقيقها.
لا يستغني عن دوره في مواجهة الماديات المطلقة التي قد يتبناها بعض رواد الأعمال بوصفها طريقاً للنجاح.
لم يتبنَّ الفيلم أي توجه صريح، وإنما يرصد التغير فحسب، من عالم كان طبيعياً بالكامل يتحول بأجزاء عدة منه إلى تصور إلكتروني افتراضي واسع لكل شيء.
تحول من قيم الحداثة إلى قيم ما بعد الحداثة، والتي عبر عنها الفيلم أكثر من مرة في عبارة "انتهاء الحضارة الأوروبية كما نعرفها".
اقرأ أيضًا قصة فيلم.. هل يطبخ الأشرار في السينما أم يطلبون دليفري؟!
فيلم هاري بوتر Harry Potter.. وسر مؤلفة العمل
إضافة إلى تصوير أحداث فيلم "هاري بوتر" Harry Potter في مكتبة إحدى الجامعات الأمريكية، فإن فكرة العمل الأصلية قد تولدت بالأساس لدى مؤلفة العمل جين كيروني في مدينة "بورتو".
كانت تعمل في التسعينيات معلمة في تلك المدينة، وهي من أجمل المكتبات في العالم، ومن أكثرها جذباً للزائرين، حيث يرتادها مليون زائر سنوياً، وتبيع ما يقارب ألفاً ومائتي كتاب يومياً.
ولا تعجب حين تعلم أن المكتبة مستعدة لدفع سبعين ألف يورو ثمناً للنسخة الأصلية من كتاب "هاري بوتر" اعترافاً منها بما تدين به من فضل كبير له في شهرتها.
أما أحداث الفيلم، فإن المكتبة تلعب فيها دوراً كبيراً، ابتداءً من معرفة هاري بوتر أنه ساحر وأن أبويه ساحران كذلك.
تتجلى تفاصيل المكتبة كمكان أثناء عملية حماية حجر الفيلسوف المخبأ في المدرسة، والذي ينقذه هاري وأصدقاؤه من السرقة، لكنهم يفشلون في ذلك لتبدأ رحلة استرداده، ومعلم الوصفات السحرية أستاذ سيفروس سناب يصبح المشتبه به الأول.
في ظل العمل المشترك والمساعدة من قبل الأصدقاء الثلاثة ينجح هاري وأصدقاؤه في التغلب على القوى السحرية التي تحرس الحجر، وفي النهاية يواجه هاري شخصاً لا يتوقعه أبداً، ليس الأستاذ سناب كما توقعوا، وإنما كويريل معلم الدفاع عن النفس ضد السحر الأسود الذي سيطر لورد فولدمورت على جسده وشاركه إياه، حيث استعمله اللورد فولدمورت من أجل سرقة الحجر، ولكنه فشل.
اختفى اللورد فولدمورت ومات كويريل، ودمَّر الحجر البروفيسور الباس دمبلدور؛ لوجود كثيرين يسعون وراءه الآن.
اقرأ أيضًا مهنة المكتبات في المجتمع المتجدد
أمين المكتبة في الأفلام العالمية
وقد أنتجت المكتبة - بوصفها مكاناً فنياً سينمائياً مؤثراً - صوراً عدة لأمين/ أمينة المكتبة، تنوعت بين الصور النمطية لذلك الشخص الغارق في تصنيف الكتب والحفاظ على الهدوء طوال الوقت، أو الفتاة غير الجميلة، أو الجميلة التي ترتدي ثياباً مملة ورتيبة وغير جذابة، أو المرأة البدينة الثرثارة أو المتوجسة..
وفي المقابل فإن بعض الأفلام عمدت إلى كسر تلك الصورة النمطية لأمين المكتبة، كما حدث في أفلام مثل (المومياء) أو (أمين المكتبة)، وغيرهما من الأفلام التي عرضت لذلك النموذج، بوصفه شخصاً ذكياً أو جذاباً، وكذلك عرضت لأمين المكتبة كوظيفة تحتاج إلى قدر كبير من العلم، وأن الوصول لذلك اللقب ليس بالأمر المجاني على أي حال.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن أمناء المكتبات قد عبروا بشكل ما عن أنفسهم من خلال (آن سيدل) - وهي أمينة مكتبة بالأساس - والتي ألفت وأخرجت فيلم "أمين مكتبة هوليوود"، وعرض في يونيو 2007 في إحدى الجلسات الخاصة لمؤتمر جمعية المكتبات الأمريكية.
يهدف الفيلم إلى الإضاءة على اختلاف نظرة أمناء المكتبات لأنفسهم عن نظرة الآخرين لهم؛ وعليهم فإنها سعت إلى توضيح الصورة الحقيقية لأمناء المكتبات من خلال العمل.
حين تكون المكتبة بطلاً سينمائياً - عمرو العزالي - ناقد ومحرر مصري.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.