حرب القرم.. عندما تحالفت إنجلترا وفرنسا مع العثمانيين لصد الأطماع الروسية

في 28 من مارس عام 1854، أعلنت بريطانيا العظمى وفرنسا الحرب على روسيا، وانضمتا للإمبراطورية العثمانية في الصراع الذي أصبح يُعرف بحرب القرم، وجدير بالذكر أن القوى الأوروبية لم في حرب كبرى ضد بعضها منذ الحروب النابليونية التي انتهت في 1815.

كانت الحروب النابليونية حروبًا إمبراطورية خيضت على جبهات عدة، ومن بينها أوكرانيا حاليًّا، وبحر البلطيق، وشبه جزيرة كامشاتكا في شرق آسيا، وفي الحرب زادت الأسلحة الحديثة وتكنولوجيا وسائل الإعلام الحديثة، مثل السفن البخارية والتلغراف، من حدة الصراع وجلبت تفاصيل الحرب بسرعة للجمهور العالمي.

تمركزت مشاة البحرية الملكية البريطانية في معسكر الإنجليز، وكانوا جنودًا في حرب القرم، وقد استمرت حرب القرم من 1854 حتى 1856، وشملت حرب الخنادق، الهجمات البرمائية، والحصار البحري.

مركز الصراع وسبب الحرب

المركز الرئيس للصراع كان في وسط آسيا، وشهدت مناطق في أوكرانيا الحالية صراعات مشابهة، إذ حاربت الإمبراطورية الروسية تحالف قوات الدولة العثمانية والإنجليزية والفرنسية.

كان السبب الرسمي للحرب نزاعًا بين القيصر الروسي، نيكولاي الأول، والإمبراطور العثماني عبد المجيد الأول، حول أي إمبراطورية يكون لها السلطة على المسيحيين الأرثوذكس الذين كانوا يعيشون في الأراضي العثمانية، وكان هذا النزاع الديني ذريعة للقوى الأوروبية لعرض قوتها ضد بعضها بعضًا.

في الوقت الذي بدأت فيه الحرب في أكتوبر 1853، كان حلفاء الإمبراطورية العثمانية في أوروبا الغربية قلقين من التوسع الإمبراطوري الروسي، ورأوا أن النزاع الديني والسياسي فرصة لكبح جماح التوسع الروسي عبر القوة العسكرية المتفوقة.

واعتقدت الإمبراطورية العثمانية التي فقدت مؤخرًا أراضي في أوروبا الغربية لمصلحة الثورات القومية، أنه بدعم الجيوش الإمبراطورية الفرنسية والبريطانية القوية، يمكنها إعادة إحياء إمبراطوريتها وتأمين حدودها.

فكرة أن الجدل في الحرية الدينية كان سببًا في اندلاع الحرب العالمية تجعلنا ندرك أن الأسباب الحقيقية وراء اختيار أقوى الدول في العالم لخوض هذه الحرب كانت المنافسات الإمبريالية والتوسع الإقليمي، ثم إن حرب القرم تُعد من أولى الحروب الحديثة حقًّا.

دور التكنولوجيا الحديثة في الحرب

مكنت التكنولوجيا الحديثة، مثل السكك الحديدية، والتلغراف، والسفن البخارية -التي لم تكن موجودة خلال الحروب النابليونية- المقاتلين من نشر قواتهم بسرعة في عدد من مسارح القتال، وقد تقدمت القوة العسكرية تقدمًا كبيرًا بحلول وقت حرب القرم، وواجه الجنود في الميدان وابلًا من المدفعية على عكس تلك التي واجهها أسلافهم.

استحضر العمل الأدبي (هجوم اللواء الخفيف) لألفريد لورد تينيسون المذبحة العبثية التي واجهتها القوات البريطانية خلال هذا الصراع، وأصبحت فلورنس نايتينجيل شخصية دولية بفضل المساعدة المقتدرة التي قدمتها للجنود المصابين، إذ واجهت قبل تدخلها ظروفًا غير صحية ومزرية في المستشفيات الميدانية البدائية.

انتهت حرب القرم قبل ثلاث سنوات من صراع حرب الخنزير، ولعب حاكم كولومبيا البريطانية جيمس دوغلاس، دورًا في الصراع في أمريكا الشمالية وآسيا، في حين قاتل كثير من مشاة البحرية الملكية لاحقًا في معسكر الإنجليز على الخطوط الأمامية.

وأرسلت العسكرية الأمريكية مراقبين لدراسة تكتيكات القتال والتكنولوجيا الحديثة التي استخدمها المقاتلون التي ألهمت الاستراتيجيات المستخدمة خلال الحرب الأهلية، وكان لهذا الصراع دور في تجنب الحروب الحديثة، وألهم القرار البريطاني والأمريكي خلال حرب الخنزير.