صفحة من التدبّر في خلق الله، تعلّمنا الشجرة معنى جديد للعطاء، معنى جديد للجمال، فهل نستطيع أن نحذوا حذوها؟!
طوال عمري أجد في صحبة الشجر كفايتي؛
ثبات وقرار، ظلال وإثمار، جلد وقوة وصبر وخضار، شموخ مختلط برائحة الأزهار، موسيقى من حفيف أوراق وحياة الطيور.
وأندهش بلا انقطاع من قدرة الشجر على هذا الكم من الجمال العطّاء!
ثم زادني هذا الكابوس من الاندهاش مازادني حين زارني، حين رأيت ما ووري عني من معاناة الشجر، حين رأيت شجرة مقلوبة تخفي كل هذا الجمال والعطاء تحت الأرض، وتستقبل الدنيا بجذورها العجاف وطينها اللدن وعفنها وديدانها ورائحتها العطرة.
أدركت أن المعاناة هي الأصل، أدركت أن المعاناة هي عملة القيمة، وأن كل قيّم يعاني، وأنه لا جمال تام؛ لأنه نتيجة وليس أصل. وأدركت أيضا أن المعاناة يجب أن تحجب عن الناس، وأن نتواصل فقط بكل جميل ومعطاء، فلا يرى الناس قبحنا الدفين خلال استمتاعهم بصفات الأشجار فينا؛ فمن جاع فليُطعم، ومن ظُلِم فليعدل، ومن مَرِض فليُبْرئ.
كم نحن جميلون وكفى!
ولنا في الأشجار أسوة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
تسجيل دخول إنشاء حساب جديد