عاد كالمعتادِ متأخرًا، لم يكن هناك في الأمرِ جديد، غير أنَّه لا يعلم لماذا يُحدق النظر طويلًا في سجادة الصلاة التي كانت تتوسط الصالة في شقته، لكن سرعان ما عدل برأسه بعيدًا عنها، وتبدلت الأفكار في ثنايا جوفه، ثم قرر أنْ يذهب إلى فراشه، لعله يكون شفيعًا مُقنعًا لسريع نومه..
لكن دونما إنذار، بدأت عينيه تتحرك يُمنة ويُسرة، كما لو أنَّ شيئًا ما قد أصاب مقلة عينه، بدأ القلق يسري في قلبه، وتمكنت كل الوساوس من رأسه، انتفض خائفًا وهو يسمعُ كل إيقاعات دقات قلبه.
ذهب مُسرعًا ليُصلي، عسى صلاته في جوف الليل تكون مخرجًا له من سجونِ خوفه، وقبل أن يُصلي بدأ يشعرُ بالتحسن، ولم ينفك أنْ غلب النُعاس على أجزاء جسده، قرر ألاَّ يُصلي، وينتهز الفرصة، فذهب سريعًا لينام! ولم يكن يعلم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.
وبينما هو مستلقٍ على فراشه بعد أن نجح في استبعاد أدنى مراتب الخوف، وبعد أن نجح أيضًا في أن يمر عبر درجات النوم، بدأ يسمعُ أصواتًا تُحيط بكلِّ أركان غرفته، بدأت عيناه في الحركة من جديد، فرفع رأسه قليلًا عن وسادته، أطال الصمت واسترق السمع، عندئذٍ بدأ يسمعُ عن يُمناهُ حفيفًا كحفيف الشجر، ثم لم يلبث أنْ اتسعت حدقة عينيه لتسمع أُذناهُ عن يُساره قرعًا من هطولِ المطر..
انتفض عن فراشه مذعورًا، تراهُ وقد ارتعدت جميع فرائسه، وذهبت عنه كل فرائضه، وفشلت للنهوضِ كُلُّ محاولاته، وبات كما لو أنَّ نمرًا قد اعتلى صدره، وأنَّ الأصفادَ والكلاليب حجزت عنه قدمه!
لم يكن هناك وحيدًا، كان هناك مَنْ يرمقهُ بطولِ الأفقِ مُحدقًا، وقد غابت عنه شمس معالمه، ومُسخت عنه عناوين ملامحه.. عندئذٍ سأله الرجل وقد نالت منه الدنيا كل ما يكره: من أنت؟ وماذا تُريد؟
قال: أسكنُ في بحورِ الظلامِ في عالمٍ مجنون، فأنا الفتنةُ والفتنةُ أنا حيثُ أكون، إذا رأيتني وجدتني مقيدًا حيث الجزيرة، لكني سآتي غدًا وفي يدي مفاتيح جلِّ الخريطة، ترى رجالي يُقدِّسون في الأسبوعِ أول أيامهم، أحرارًا في البناء شأنهم كشأن أسلافهم، يرسمون عيني بأعلى السفحِ من رأس الهرم، يجعلونني في كلِّ وادٍ شعارًا لهم وقسمًا، فإذا اتبعت خُطاي كان كل الحظ لك نصيبًا، وسترى بأم عينك ما هو العجبُ العجيب! لا تخف فأنا العالم في ثوبه الجديد، بين يديَّ جنَّاتٌ ومتاعٌ فريد، إذا مشيت في إثري دانت لك الدنيا وووهبتُك كل ماتريد!
فقال له الرجل: كيف لك هذا ويداك مرصعةٌ بالأصفادِ والحديد؟! وقلتُ إنَّك فتنة، فلا أَرَاك إلاَّ جبارًا عنيدًا! عندها صرخ الشبح بصوتٍ كصوتِ الجبال واقترب إليه مسرعًا، فتسارعت دقات قلب الرجل المسكين وكادت أن تتوقف من هول ما رآه؛ فلقد عَرِف من يكون! أطلق ساقه للرياح، لتتعثر قدماهُ في النهاية، ويخر ساجدًا حتف أنفه على سجادة الصلاة التي تتوسط صالة شقته.
وكأن هناك جني واقف فوق رأسه
لقد عشت أحداث القصة وكأني بها.....
فوق الممتازة
شكرا يا ست الكل ...
في البداية أشكركِ على طيب تعليقكم، كان هذا الجني الذي في الغرفة ترميزاً أو إشارة للمسيخ الدجال .. والقصة تُشير إلى عدم التفريط، وأنه على الرغم من أنَّ رجل القصة لم يكن متديناً أو ملتزماً إلاَّ أنه نجح في اكتشاف المسيخ الدجال، وهذا دليل على الفطرة السليمة لدى الكثير من الناس، كما تشير التدوينة أنَّ طوق النجاة مرهون بالتقرب من الله، شكرا جدا أستاذتنا الفاضلة..
في البداية أشكركِ على طيب تعليقكم، كان هذا الجني الذي في الغرفة ترميزاً أو إشارة للمسيخ الدجال .. والقصة تُشير إلى عدم التفريط، وأنه على الرغم من أنَّ رجل القصة لم يكن متديناً أو ملتزماً إلاَّ أنه نجح في اكتشاف المسيخ الدجال، وهذا دليل على الفطرة السليمة لدى الكثير من الناس، كما تشير التدوينة أنَّ طوق النجاة مرهون بالتقرب من الله، شكرا جدا أستاذتنا الفاضلة..
ماشاء الله تبارك الله
تحفه ربنا يزيدك يا استاذنا العزيز
حبيبي الغالي ربنا يباركلك يابو حبيبة يا صديق العمر ... على طول دربي أنتم حيث أنتم حيث تمام الشهامة وشمول الكرم..
أبدعت
هلا بجميل الطلة
اسلوب جيد ما شاء الله
أنتم الأرقام داىما
قصة جميلة جدًا، سلمت يداك💜
سلمت كلتا يداكِ أختي الكريمة الفاصلة ....
فعلا أحسنت وبارك الله فيك
حبيبي كلك ذوق
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.