يعتبر الحب من أسمى المشاعر وأرقّها على الإطلاق..
فبالحب تسمو روحك، وترقى إلى عالم الكمال والجمال والتألق لينعكس على جوارحك، وسلوكياتك، ومواقفك..
فتحيط كل من حولك بالعاطفة والحنان والرعاية بدءاً بحبّ الله، الوالدين، الأصدقاء، الزوج... أو حتى الكون ككل.. لكن أليست نفسك وذاتك الأولى بهذا الحب؟
فهي رفيقة دربك، منبع أحلامك، مؤنسة وحشتك، وصندوق أسرارك، نفسك دائماً معك في فرحك، حزنك، ضعفك ونجاحك.
أليس من حقها أن تنعم بأكبر قدر من الحب؟
أليس من حقها أن تحظى بالعناية والاهتمام؟
حتى تستطيع هي الأخرى أن تمنحك السعادة وتغمر من حولها بالحب.
وقد قيل إن فاقد الشيء لا يعطيه، إذ لا يمكنك أن تعطي الآخرين بغض النظر عن الشيء الذي تريده ما لا تملكه.
فحب الذات بكل بساطة لا تعني الأنانية وإنما أن تحب نفسك كما هي بعيوبها ومميزاتها وقدراتها..
العناية بها ومسامحتها على أخطائها وانكساراتها وعدم السماح والرضا بأقل مما تستحق ومنحها الحب دون انتظاره من الآخرين.
قد يمر المرء أحياناً بمراحل من الحزن والإحباط واليأس، ممّا يجعله يرفض ذاته ويقسو عليها، وتتطور الحالة تدريجيا حتى تصل إلى ازدراء الذات واحتقار النفس، فينطفئ نور المرء وتغدو ذاته عبئا عليه..
وهنا يظهر التأثير السلبي لتلك الحالة في كره المجتمع أيضاً والفشل في العلاقات الاجتماعية والأسرية.
لكن يا أخي لو تذكرت فقط حينما تخالجك هذه المشاعر السلبية أنك أعظم ما خلق الله تعالى في هذا الكون البديع، وأن هذا الكون إنما خلقه الله لأجلك..
فكل ما يتضمنه من كواكب، مجرات، حيوانات، نباتات، جبال... من أبسط الأشياء حتى أعقدها جعلها الله لك وحدك تحت تصرفك وكرمك بالعقل عن باقي الكائنات لتدرك وجودك وتنعم بنعم الله..
فأنت سيد مخلوقات الله جميعا وصدق الحق سبحانه القائل (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)) [التين: آية 4]، فلو تمعنت في جسمك فقط لوجدته خارق الصنع والإبداع وفائق الدقة والعظمة...
فكيف لنفس لامتناهية الجمال والإبداع أن تشعر باحتقار وازدراء، وأن ترفض الحب وتركن إلى اليأس والإحباط والكره؟
وصدق الله سبحانه حيث يقول في كتابه: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)) [الذاريات: آية 21]
فكفى عن جلد نفسك، وتحقيرها، والرضوخ إلى الأفكار السلبية؛ لأنها لا تشجع على الانطلاقة بل تهوي بك إلى مستنقع اليأس والعجز واللوم وانعدام الإرادة.
واعلم أن في النفس حياة ما حولها فإذا قويت هذه النفس أذلت الدنيا، وإذا ضعفت أذلتها الدنيا.
وآمل عزيزي القارئ أن يكون المقال شفاء لذاتك المنكسرة ونسمة الندى على فؤادك المجروح.
اقرأ أيضاً
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.