حافة السقوط

أتذكر جيدًا لحظتها، الشمس تنتشر في أنحاء المنزل، والنافذة على مصراعيها تفسح مجالًا للنور والسعادة التي كانت تملأ منزلنا، ونوع من السيمفونية الكلاسيكية أسمعها جيدًا بصوت هادئ قبل إفطاري، وصوت العصافير المغردة بألحان عذبة من فوق أغصان شجرة كبيرة أمام النافذة، ومناداة أبي، وهو يحاول إيقاظي لكي أصلي، وبعدها نفطر سويًا، وأيضًا لكي لا أتأخر على مدرستي، وأيضًا حتى لا يتأخر أبي عن عمله.

كان يحضِّر أوراقه بعناية شديدة، كنتُ أسيرة لأحداث مضت في خاطري فقط وتعلقت بذهني حتى حاضري هذا، وفي صغري وأنا مع أبي ومبتسمة، وكنت أضحك كثيرًا حتى ظننت أن الحياة مشرقة، والشمس لم تغرب أبدًا بدفئها. وكنت في قمة سعادتي، ولا يهمني سوى كوب اللبن والإفطار مع أبي، وإنصاتي له جيدًا عندما يروي لي بعض القصص الخيالية، فكنت من عشاقها، وانتظاره بعد عمله كي يُكملها.

فكثيرًا ما كنت أحاول أن أسبق أحداث القصة دومًا، وهو يحذرني بعدم التسرع، فكنت متسرعة لمعرفة «وماذا بعد؟»، وهو يحاول منعي، وكنت أستمتع بهذه اللحظات، وأيضًا عندما يناديني: «ابنتي الجميلة»، وأنا مختبئة في زاوية من المنزل لكي يبحث عني.

لم أنسَه مطلقًا، لأنه علَّمني الكثير، ولكن عندما أتذكر نصيحته قبل ذهابه «إني لا بد وأن أتماسك جيدًا وكأنه يوصيني بشيءٍ ما»، علمت وقتها أن كارثة في الأفق سوف تحدث. ولم يشعر قلبي سوى بالخوف الشديد.

لم يذهب حتى أغلقت جميع النوافذ بالمنزل، ذلك يكفي لوصف «حافة السقوط»...

فبينما أنت تشعر بالحزن الشديد، وتترك كل من حولك، وتريد أن تنعزل عمَّن حولك حتى لا يشعر من يهمه أمرك بالألم والمعاناة، وتذهب بعيدًا، فكلَّما عانى من يحبك ووقف عاجزًا، لأنه لا يعرف غيرك لكي يلجأ إليك، ويحب أضواء الشمس تدخل في كل مكان توجد أنت فيه، ولأنه ما زال عنده كثيرٌ من التساؤلات...

فمن يدريك؟ لعلها البداية..

فرغم الحزن، والألم، وتقلب مزاجك الذي ينتابك أحيانًا، يحدث بعدها بمدة من الوقت إعادة الاتزان، إذا فكرت مليًا بطريقة واقعية نوعًا ما.

حتما توجد أسباب لحزنك، وأيضًا لماذا يمكن للمرء الوصول إلى حافة السقوط سريعًا ويكتئب مرارًا وتكرارًا؟

فالأحداث التي تحدث كل يوم للمرء تختلف من شخص لآخر، وعلى حسب تقبّلنا أيضًا الأمر أو الصدمات التي نمر بها طوال الوقت، ولا نأخذ قدرًا من الراحة للعقل لكي يتخطَّى ما نمرُّ به.

فإليك وجهة نظر قد تكون مفيدة نوعًا ما:

فالعقل الباطن إذا كان يحاول تذكيرك بشيء من الماضي الذي يضايقك، فحاول جاهدًا أن تعد كل ما مضى من عشر دقائق أصبح في الماضي، ولك أن تستحضر كل ذكرياتك الجميلة فقط، وتقتنص فقط كل لحظة ساعدت فيها من حولك وجعلته يشعر بالدفء.

فلا تكن أنانيًّا وتفكر بنفسك وحزنك طوال الوقت، فقط ابحث عمن في حاجة قصوى إليك، ولرؤيتك يكون سعيدًا، وبظهور الشمس، سيذهب همك ومعاناتك، فلا تبتئس أبدًا.

فطبق من الفاكهة -علميًّا- يجعلك تشعر بالسعادة إذا تناولته، وبدأت يومك بالابتسامة البراقة لكل من يقابلك، وشعرت بالشمس، ستعرف لاحقًا ماذا عليك فعله لتتخطَّى «حافة السقوط».

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

جميله المقاله ياعايشه استمرى ربنا يوفقك
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا ليكي جدا فاطمة سلامي ليوسف
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مبدعة صديقتنا الغالية عائشة أنارت مقالاتك المنصة
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يشرفني متابعتك ويسعدني رأيك استاذة شهد وشكرا لذوقك جدا
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقال أكثر من رائع
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا ليكي جدا استاذة فاطمة
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.