كانت ولا زالت مشاعر الغيرة والحقد الَّتي تسكن قلب وعقل (هلا) بشأن رئاسة (أمل) للمؤسسة خلفًا لوالدها المهندس المرّموق ذو السّمعة الطّيبة وسط العامّة والابن البارّ لدى عائلته فلا يُعرف عنه شيئًا عن حقيقته المريرة سوى تلك الحيّة (هلا)، فلن تسكن لها ساكنة فور تأكّدها من حقيقة الخبر الَّذي شاع بين المستخدمين وعلى رأسهم د. عصام الَّذي توعد لــ (أمل) فور شغلها منصب مديرة للمؤسسة REAL GATE! فهي بالحتميّة مؤكّد دعمها من قبل كلّ المقاعد أقصد مقاعد مجلس الإدارة والعضو المنتدب وهو والدها... والدها لم يعلّق بكلمة طول اندفاع (هلا) بكلماته الرّاسخة في ذهنها.
فقط أوشح برأسه جابنًا غير معلقٍ فقط مستمعًا وفور خروج (هلا) من مكتبه وهي مغتاظة، رفع هو هاتفه إلى (د. عصام) وقال له محدّثًا أريدك أن تتخلَّص من (هلا)؛ فإنّها كانت ونعم المستخدمة المطيعة فلم تترك لنا خيارًا آخر فتستحقّ الآن التّقاعد، وبكل ثقة فقد نفعت المنظمة طيلة عشر سنوات من الكفاح والذّكاء المعهودين فيها، والآن حان دورها أن تلحق بعماد!
ودون أن يعلّق د. عصام بكلمة واحدة على الأوامر الجديدة ما فعله هو رفع حاجبيه بطريقة تعجّب مصطنعة وفتح ملفًا كان يتصفح في بعض أوراقه حينما داهمته مكالمة مدير المنظمة، وفجأة توقف عند صورة لــ (هلا) وأوراقها الشخصيّة وبعضًا من محتويات أخرى تخصّ أوراق عملها والأوراق المزوّرة الَّتي كانت تُنسب إليها من باب التّنكر وتغيير شخصيّاتها المناسبة لكلّ مرحلة من مراحل عملها داخل المنظمة REAL GATE!
وفعلًا تهلّلت أسارير د. عصام فور سماعة تلك الأوامر وأدرك أنّه على مشارف توليه الإدارة بعد قتل (هلا)، ثمّ التّخلُّص من (أمل) بنفس الطريقة... العقبتين اللتين وقفتا أمامه منذ زمن بعيد! وأمسك د. عصام الملف بيديه بعد ما أنهى محادثته الهاتفيّة مع مدير المؤسسة ورفع سماعة تخصّ أحد المكاتب الجانبيّة متحدثًا إلى أحدهم، حيثُ استدعاه إلى مكتبة في الحال... وما أن أغلق الخطّ حتَّى طرق باب مكتبه شخص يبدو عليه الرّتابة، كان يرتدي حلّة سوداء، أصفر البشرة، طويل ذو هيئة مرتبة وقور، وأخيرًا كان لديه شحوب عميق يعود إلى كونه شخص مريض أو ليس من سكان كوكب الأرض!
وأول ما دلف إلى مكتب الدكتور/ عصام أومأ له بالجلوس وأعطاه ملف (هلا)، وقال له أريد شمس النّهار لا تسطع على وجهها! وفور تنفيذك بلغني بإتمام العمليّة! وما أن أبلغه د. عصام أدخل يده إلى جيبه وأخرج ظرفًا أصفر عليه خاصّ، وأعطاه لهذا الرّجل الوقور، وقال له في تروٍ واضح واستكمل: هذا الظرف تحت حساب عمليّة (هلا)! والباقي فور إنجازك المهمّة دون أن تترك أثرًا... أفهمت...؟!
كانت تلك الكلمات آخر ما تفوّه بها د. عصام إلى زميله الوقور في المؤسسة وقبل أن يقوم ضيفه من مقعده رنّ هاتف المكتب تناوله د. عصام بعد ما أمر زميله بالانصراف محققًا لما طلبه منه منذ دقيقة واحدة...
واكتفى بكلمة: لا تنسَ شمس النّهار لا تسطع على وجهها! أسمعت؟!
خرج ذاك الرّجل الَّذي يبدو على هيئة الوقار بغض النّظر عن اصفرار لون وجهه... وعلى الفور رفع السّماعة د. عصام قائلًا/ عصام يتحدّث وما أن بادره صوت وكأنّه يأتي من مكانٍ سحيق! حيث إنّه تلقى مفاجأة مدوّية.
أهلًا عصام... أنا هدى... كيف حالك!
يتبع (الفصل الرّابع والعشرون)
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.