للفن دور مهم في حياه الشعوب؛ فهو القوة الناعمة، وهو المحرك والمؤثر في نواحٍ شتى.
اقرأ أيضًا كيف أنقذت الفنانة ماجدة المناضلة جميلة بوحريد من حكم الإعدام...
دور الفن في إنقاذ جميلة بوحريد من الإعدام
وكان للفن دور في إنقاذ جميلة بوحيرد من الإعدام، بعد أن أنتجت الفنانة ماجدة فيلمها عن المناضلة الجزائرية عام 1958، وكانت جميلة حينذاك في السجن ومحكومًا عليها بالإعدام.
وعُرض الفيلم في كل أنحاء العالم، وشارك في عدة مهرجانات عالمية، ما أدى إلى خروج مظاهرات تطالب بإنقاذ جميلة. وتحرَّك الرأي العام العالمي ضد فرنسا، وكتبت الصحف العالمية عن جميلة، بل وأطلقت شعار: «أنقذوا جميلة»، ما اضطر فرنسا لتخفيف الحكم عليها إلى السجن المؤبد. وطبعًا أُطلق سراح جميلة بعد تحرير الجزائر عام 1962.
وقد كسبت جميلة تعاطف الفرنسيين أنفسهم، لدرجة أن الفيلسوف الفرنسي جان سارتر قال عن الفيلم: لقد جسَّد أمامي حجم الجُرم الذي ارتكبناه في حق الإنسانية. إن هذه الممثلة الصغيرة أسقطت مني الدموع وأنستني جنسيتي. وقد تعرَّضت ماجدة بعد عرض الفيلم لمحاولة اغتيال من متعصبين فرنسيين.
اقرأ أيضًا قصة أبشع عملية إعدام في التاريخ
جميلة بوحريد
وُلدت جميلة بحي القصبة بالجزائر عام 1935. ووقتها كانت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي. وعند التحاق جميلة بالمدرسة الابتدائية وجدت الأطفال يغنون نشيد فرنسا أمنا! تعجبت جميلة وسألت أمها: هل فرنسا أمنا؟ فأجابتها: لا، بل الجزائر أمنا. وفي اليوم التالي في طابور المدرسة هتف الطلاب: فرنسا أمنا. إلا جميلة هتفت: الجزائر أمنا. فعاقبها ناظر المدرسة الفرنسي بالضرب.
انضمام الجميلات إلى جبهة التحرير الجزائرية
انضمت جميلة بوحيرد وجميلة بو باشا وجميلة بوعزة لجبهة التحرير الجزائرية، وعُرفن بجميلات الجزائر، وكان دورهن وضع القنابل في أماكن الفرنسيين، وقد كبَّدوا المستعمر الفرنسي خسائر فادحة.
وقُبض على جميلة بوحيرد عام 1957 بعد إصابتها بطلقة في كتفها، وكان بحوزتها رسالة خطيرة إلى ياسف السعدي أحد أقطاب الثورة، والذي رصدت قوات الاحتلال جائزة 100 ألف فرنك لمن يُدلي بمعلومات عنه. وبدأ تعذيب جميلة منذ القبض عليها حتى قبل علاجها.
بدأوا بحلق شعرها وصعقها بالكهرباء في كل أنحاء جسدها، حتى احترقت وتفحمت أماكن عدّة بجسدها المنهك الواهن. وكانوا أيضًا يطفئون سجائرهم بجسدها. ووسط هذا التعذيب لم تكن تقول إلا كلمة واحدة: الجزائر أمنا. وعندما فشل الفرنسيون في انتزاع أي معلومات من جميلة كتبوا اعترافًا بالعمل ضد فرنسا وأرغموها على توقيعه.
ونُقلت للمحاكمة بفرنسا، ووكَّل أهلها المحامي الفرنسي الشهير جاك فرجاس. وحوكمت جميلة محاكمة صورية، وحاولوا اختطاف محاميها ومنعه من المرافعة. ووقفت جميلة في قاعة المحكمة تقول: أعلم أنكم ستحكمون عليَّ بالإعدام، ولكن بإعدامي فأنتم تقتلون الحرية التي تتشدقون بها، وأيضًا ستنال الجزائر حريتها.
وفعلًا حُكم عليها بالإعدام، فثار العالم، وأرسلوا برقيات إلى منظمة حقوق الإنسان، فخُفِّف الحكم إلى السجن المؤبد. وظلَّت جميلة بالسجن حتى اندلعت ثورة الجزائر التي راح ضحيتها المليون ونصف المليون شهيد. وتزوجت المحامي الفرنسي بعد أن أشهر إسلامه عام 1965.
وفد نشر المحامي كتابًا تحت عنوان «من أجل جميلة» نشر به مرافعته التي لم يستطع قولها حينذاك.
أطال الله عمر المناضلة التي علَّمت العالم معنى الحرية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.