جزيرة تاروت السعودية من أقدم الجزر المأهولة في العالم، وتُعد لؤلؤة تجمع بين عبق التاريخ الممتد لأكثر من خمسة آلاف عام وجمال الطبيعة الساحر، وجوهرة تاريخية تطل على الخليج العربي، تشتهر بموقعها الإستراتيجي، وتنوعها البيئي، وتاريخها العريق الذي يمتد إلى آلاف السنين. وتضم معالم أثرية بارزة، وبيئة طبيعية جذابة جعلتها مقصدًا للطيور المهاجرة والسياح معًا.
ندعوكم لرحلة عبر هذا المقال لاستكشاف موقع جزيرة تاروت الإستراتيجي، وتاريخها العريق الذي شهد حضارات متعاقبة، أهم معالمها مثل قلعة تاروت، ومناطقها المتنوعة، حتى دورها كونها محطة للطيور المهاجرة.
أين تقع جزيرة تاروت؟
تقع جزيرة تاروت في الخليج العربي، وتحديدًا في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وهي تابعة إداريًا لمدينة القطيف التي تقع شرقها، وشمال مدينة الدمام.
وتُعد جزيرة تاروت هي ثاني أكبر جزيرة في المملكة العربية السعودية بعد جزيرة فرسان، فتبلغ مساحتها نحو 32 كيلومترًا مربعًا، ويحيط بها مناطق ساحلية عدة مثل سيهات والقطيف، وهذا جعل جزيرة تاروت تتميز بموقعها الإستراتيجي على مر العصور.
تاريخ جزيرة تاروت.. رحلة عبر 5000 عام من الحضارة
تعد جزيرة تاروت تُعد من أقدم الجزر المأهولة بالسكان في العالم، بل هي أقدم جزيرة مأهولة بالسكان في شبه الجزيرة العربية أيضًا، فيعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة؛ ما جعلها شاهدة على عدة حضارات منذ القدم، فقد كانت جزيرة تاروت مأهولة منذ حضارة دلمون، مرورًا بعد ذلك بالفينيقيين الذين أطلقوا عليها أسماء عدة منها تيروس وعشتاروت، ووصولًا إلى الآشوريين والفرس، إلى أن أصبحت جزيرة تاروت تابعة للدولة الإسلامية.
وبفضل موقعها الإستراتيجي في الخليج العربي، كانت جزيرة تاروت موقعًا تجاريًا مهمًا على مر العصور، فقد كان لها دور رئيس في التبادل التجاري ونقل البضائع بين شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين وبلاد فارس، وكانت أيضًا مخزنًا للبضائع القادمة من السفن البحرية مثل العطور والبهارات والأقمشة، وهذا يفسر أهميتها التاريخية منذ القدم.
ما أشهر أنواع الطيور المهاجرة في جزيرة تاروت؟
تعد جزيرة تاروت موطنًا مهمًا للطيور المهاجرة التي تمر عبر المملكة العربية السعودية خلال موسم الهجرة السنوية، فالجزيرة توفر بيئة مثالية لهذه الطيور لأنها ممتلئة بالماء والغذاء، وهذا جعلها مناسبة للهجرة والتكاثر، ويُعد طائر النحام "الفلامنغو" أشهر الطيور المهاجرة في جزيرة تاروت، لذلك تأتي طيور الفلامنجو بأعداد كبيرة خلال موسم الهجرة بين شهري نوفمبر ومارس.
ويتميز طائر الفلامنجو بلونه الوردي الفاتح الذي يجعله أحد أهم مظاهر الجمال الطبيعي في جزيرة تاروت خلال موسم الهجرة. فوفقًا للموقع الرسمي لـقناة العربية توجد طيور الفلامنجو في أربعة أمكنة رئيسة في جزيرة تاروت وهي غابات المانجروف، وخليج سيهات، وكورنيش محافظة القطيف في منطقة المجيدية. وهذا يجذب كثيرًا من السياح والزوار إلى هذه الأمكنة سنويًا للاستمتاع بمشاهدة الجمال الطبيعي لطيور الفلامنجو في الطبيعة الخلابة لجزيرة تاروت.
ما أسماء مناطق جزيرة تاروت؟
تنقسم جزيرة تاروت أساسًا إلى خمسة مناطق، تتميز كل منها بتاريخها العريق وثقافتها المميزة:
- المنطقة الأولى هي مدينة تاروت التي تُعرف أيضًا بالديرة، وتضم كثيرًا من المعالم الأثرية المهمة مثل قلعة تاروت والأسواق القديمة، وكانت قديمًا ميناءً مهمًا للسفن القادمة من الخليج والهند وبحر العرب.
- والمنطقة الثانية هي قرية الربيعية التي تحتوي أربعة أحياء رئيسة، واشتهرت عبر التاريخ بوفرة عيون المياه الطبيعية التي كانت مصدرًا للمياه العذبة في جزيرة تاروت.
- والمنطقة الثالثة هي قرية سنابس التي تحتوي على مسجد شهير وهو مسجد الشيخ محمد مبارك.
- إضافة إلى قرية الزور التي تُعرف أيضًا باسم ضحى مبيريك.
- وقرية دارين التي تحتوي على أشهر موانئ الخليج العربي قديمًا التي اشتهرت بتجارة اللؤلؤ والمسك.
ما تاريخ قلعة تاروت؟
تُعد قلعة تاروت أحد أهم وأقدم المعالم الأثرية في جزيرة تاروت، ويعود تاريخ تل تاروت الذي بُنيت عليه هذه القلعة إلى قرون عدة، وتحديدًا إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد.
ويُعتقد أن البرتغاليين هم من بنوا قلعة تاروت خلال السيطرة البرتغالية على الخليج العربي، وهو الرأي الراجح، ويعتقد آخرون أن من بنى قلعة تاروت هم سكان مدينة قطيف؛ وذلك للحماية من الهجمات البرتغالية.
وعلى الرغم من مرور الزمن، ما زالت قلعة تاروت تحتفظ بجزء كبير من هيكلها الأصلي، واكتشف كثير من القطع الأثرية والتماثيل حولها نُقش عليها كتابات قديمة عدة، وهذا جعلها من أهم المعالم الأثرية التي تظهر التاريخ العريق لجزيرة تاروت، حتى أصبحت الآن من أهم المعالم السياحية التي تجذب السياح والزوار إلى جزيرة تاروت للاستمتاع بمشاهدة هذه القلعة العريقة.
جزيرة تاروت ليست موقعًا جغرافيًّا على خريطة المملكة فحسب، بل هي شاهد حيّ على عصور متعددة من الحضارة والتبادل التجاري، من آثارها العريقة إلى طيورها المهاجرة، ومن شوارعها القديمة إلى قصورها التاريخية، تبقى جزيرة تاروت وجهة فريدة لعشاق التاريخ والطبيعة معًا. إنها كنز سعودي ينتظر مزيدًا من الاكتشاف والتوثيق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.