بين الشرق والغرب جدليات تطول فصولها عبر التاريخ الإنساني، لكن في الرواية موضوع المقال يأخذنا الكاتب المصري الكبير "سليمان فياض" لنخوض معه غمار البحث في طبيعة هذه الجدلية القائمة بواسطة فصول يسيرة تكشف عن حجم الفجوة.
الذات والآخر والأصوات المتعددة
ارتكزت هذه الرواية على تقنية أدبية وظَّفها الكاتب ببراعة استرعت الانتباه، وهي تقنية الأصوات المتعددة، حيث يمكنك سماع أصوات التناقض والفجوة بين الشرق والغرب بواسطة شخوص الرواية حتى نهاية الرواية التي كانت مأساوية للغاية، فتعالى صوت "سيمون" بطلة الرواية التي شق صوت صراخها سكون القصة بل سكون الفجوة.
اقرأ أيضًا: وقفة في كتاب "كيف تقرأ كتابًا" للكاتب مورتيمر آدلر.. كل ما يخص القراءة
عن الرواية
من قرية الدراويش حيث الفقر الذي ينخر في عظام أهلها يظهر فتى في العاشرة وربما أكبر من ذلك اسمه "حامد"، طفل قد لا يهتم لأمره أحد وتزدريه العين ازدراءً من شدة فقره ونحولة جسده، لكن يقرر الفتى الهرب من هذا الفقر غير آسفٍ على شيء إلى "فرنسا" بلاد النور.
ومضت السنون وتبدلت الأحوال ببطل قصتنا، ولكنه لم ينس قريته الدراويش التي أشبعته الفقر والحاجة ليقرر بعدها أن يحيي الأمل في قلب أهله أنه ما زال حيًّا، وأنه أصبح ذا شأن عظيم، وشاء القدر أن يجمع الفرقاء، وعاد "حامد" لقريته بصحبة ابنة بلاد النور "سيمون" في موكب مهيب تعلوه الزغاريد بعودة ابن القرية بعد انقطاع الآمال.
لكن في وسط "أصوات" الفرح والزغاريد تعالت "أصوات" أخرى في نفس "حامد"؛ حيث الأسى وربما الخجل من حال أهل القرية أمام زوجته الباريسية القادمة من بلاد النور والنماء، لكن "سيمون" تحاول أن تربد على قلب زوجها في تؤدة حتى تُخْفض "أصوات" الخجل من حال أهله وقريته بتفهمها للحال برمته.
اقرأ أيضًا: النقد الأدبي وعلم النفس.. ما العلاقة بينهم؟
تمضي وتيرة الأيام بسرعة داخل "الدراويش"، وبعد أن يطمئن "حامد" على "سيمون" وأنها ستكون في يد أمينة وسط أهله، يقرر السفر للقاهرة للاتفاق على مشروعات تجارية ضخمة.. لكن تنقلب الأمور رأسًا على عقب وتفضي الأمور لنهاية مأساوية.
وفجأة تعالت "أصوات" الجهل وربما الكراهية التي كتبت نهاية قاسية لـ"سيمون"، حيث تجمع نسوة القرية في منزل أسرة "حامد" للترحيب بسيمون، ولكن لم يكن ترحيبًا عاديًا البتة، بل شاركت فيه "أم حامد" أيضًا التي لم ترض اختلاف زوجة ابنها كحال النسوة، واجتمعن على قتلها بدم بارد، حتى تعالت "أصوات" صرخة سيمون التي كشفت حجم البون الشاسع بين الشرق والغرب، وتدافع بعض الأطباء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن بموت "سيمون" تداعت الأسئلة والمعاني حول قاتل سيمون الحقيقي؛ هل النسوة وحدهن، أم الفقر والجهل والكراهية؟!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.