يُعد ثنائي القطب حالة صحية عقلية مزمنة، وعلى الرغم من ذلك لم يتوصل العلماء حتى هذه اللحظة إلى معرفة أسبابه، ويظن أغلب الناس أن المصاب به يحمل داخله شخصيتين مستقلتين، فيظهر لهم كل مرة بشخصية مختلفة، لكنه في الحقيقة يحمل المصاب بهذا المرض مزاجين شديدي الحدة، فأكثر ما نعيبه في هذا المرض هو عدم اعتداله، وتمرجح مريضه بين نوبة سعادة مفرطة تُسمى الهوس ونوبة من الاكتئاب الحاد، على عكس الشخص الطبيعي الذي قد تمر عليه لحظات أو حتى أيام يكون فيها أكثر سعادة أو أكثر نشاطًا، وأيام أخرى قد يميل فيها إلى الخمول والانعزال، دون مبالغة ودون أن يمس ذلك استقراره أو السير الطبيعي لحياته.
نوبة الهوس
مريض ثنائي القطب لا يبدو كغيره من الأشخاص، فتجده في مرحلة الهوس في قمة ثقته بنفسه، مقبلًا بجنون على الحياة، نشيطًا يهرب من النوم وينفره، وقد يتعاطى بعض المرضى خلال هذه المرحلة المخدرات والمشروبات الكحولية، أو يفعلون أشياء شديدة الخطر قد لا يُقدمون عليها وهم في كامل وعيهم، وقد تبدو هذه المرحلة للبعض ممتعة، ولا يرون فيها ضررًا، خاصةً أنها قد تحث المريض على بلوغ قمة إنتاجه ونشاطه. لكن في حقيقتها، تستنزف نوبة الهوس طاقة المريض وترهقه جسديًّا وقد تضره أحيانًا، وخاصةً أن عددًا من المرضى أكدوا أن حدة مرحلة الهوس تلحقها مرحلة اكتئابية بنفس حدتها أو أكثر.
يشعر المريض خلال المرحلة الاكتئابية بعدم القدرة على فعل شيء، ويفقد حيويته وبهجته، ويميل إلى النوم والانعزال عن العالم الخارجي، ويفقد ثقته بنفسه، ويرى الدنيا سوداوية قاتمة لا تستحق العيش، وقد يصل به الحد إلى الانتحار وإنهاء حياته.
كما تختلف مدة النوبات من مريض لآخر، فنجد أن بعض المرضى يتميزون بمراحل هوس طويلة الأمد مقارنة بالمراحل الاكتئابية، في حين أن الشق الآخر منهم يتميز بمراحل اكتئابية أكثر طولًا، وفي كلتا الحالتين يكون مزاج مريض ثنائي القطب متذبذبًا متطرفًا يفتقد إلى الاعتدال، لهذا قد يظهر للمتعاملين معه بشخصيتين؛ إحداهما سعيد منشرح، والأخرى حزين منطفئ، ما جعل الخبراء يطلقون عليه تسمية ثنائي القطب.
عادةً ما يُشخَّص هذا المرض في مرحلة المراهقة أو في أوائل العشرينيات، وهذا لا يمنع ظهوره نتيجة لظروف عصيبة في عمر متأخر.
خطة علاجية
يتعرف الطبيب على ثنائي القطب بفضل الأعراض التي يعانيها المريض طيلة مرحلة الهوس ومرحلة الاكتئاب، وذلك عن طريق مجموعة من الأسئلة التي يوجهها للمريض. قد لا يبدو التشخيص بديهيًّا في بعض الحالات؛ نظرًا لأن بعض المرضى قد يعانون مرحلة اكتئاب قد تدوم سنة أو أكثر، ما يصعب على المختصين تشخيص الحالة.
يخضع المريض لخطة علاجية يكون هدفها الأساسي التخفيف من أعراض المرض وجعل المريض يعيش حياة أقرب ما يكون إلى الطبيعي، فخلال مرحلة الاكتئاب يصف الطبيب للمريض مضادات الاكتئاب التي تعينه على تخطي هذه الوضعية المؤلمة، أما خلال مرحلة الهوس، فقد يلجأ الطبيب إلى وصف مهدئات تساعد المريض على الاسترخاء والهدوء.
تبدو حياة المريض فوضوية وتفتقد إلى الاستقرار، خاصةً في علاقاته الاجتماعية والعاطفية، فقد يصعب على المحيطين به تقبل مثل هذا التغيير المتطرف في مزاجه الذي يؤثر في تعامله معهم، ثم إن خضوعه للعلاج، سواء بالأدوية أو الجلسات، قد يمنحه بعضًا من الاتزان الذي سينعكس حتمًا على علاقاته، فقد لا يكون من السهل العيش أو التعامل مع الأعراض التي يعانيها المريض التي تجعله متهورًا ومسرفًا في ثقته بنفسه أحيانًا، أو حزينًا تعيسًا أحيانًا أخرى.
لا يزال الشفاء التام من هذا المرض غير متاح، كما ظلت أسبابه لغزًا مخفيًا عن العلماء، لذلك وجب على المريض الالتزام بالخطة العلاجية التي يضعها الطبيب لتقليل الأعراض وحدتها.
مقال مفيد وثري بالمعلومات
شكرا ☺️
تناسب القطب الاكتئاب
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.