غالبنا يعرف بوجود دولة متقدمة وذات شأن كبير على مستوى الاقتصاد الدولي إنها كوريا الجنوبية، وتوجد دولة أخرى على حدودها تعاني مشكلات عدة على كل المستويات، وهي كوريا الشمالية، لكن معظمنا لا يعرف لماذا انفصلت كوريا إلى دولتين؟ ووصل بهم الحال إلى العداوة وإلقاء القمامة على بعضهما.
وفي هذا المقال نتعرف معًا إلى تاريخ انقسام كوريا، وكيف أصبحت شبه الجزيرة الكورية شعبين مختلفين تمامًا في المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي أيضًا.
نهاية الحرب العالمية
بدأت قصة انفصال كوريا الشمالية عن كوريا الجنوبية بعد استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية، فقد كانت الإمبراطورية اليابانية قد سيطرت على مساحة كبيرة من الأراضي المجاورة لها مثل تايوان وسهول منشوريا وشبه الجزيرة الكورية.
ولم تكتف اليابان بهذا التمدد، وإنما غزت الصين وسيطرت على الساحل الشرقي الصيني بالكامل، ما جعل الولايات المتحدة والحلفاء يستنفرون، فقرروا إيقاف التعامل مع اليابان بيشبه الحصار الاقتصادي ومنع إمدادات النفط للتخلي عن أحلامها في التوسع في الأراضي الصينية.
حينها كان الرد الياباني عنيفًا جدًّا، فقد ضربت القاعدة البحرية الأمريكية، وتبعت ذلك بغزو واسع لمجموعة من دول جنوب شرق آسيا حتى توفر احتياجاتها من النفط، فاشتعل الصراع بين الولايات المتحدة واليابان، وهو ما انتهى باستسلام اليابان بعد تعرضها إلى الضرب بقنبلتين نوويتين في هيروشيما وناجازاكي.
اقرأ أيضًا: الثقافة الكورية ... لماذا؟ وإلى أين تذهب؟
تقسيم كوريا
إلى هذا الحد لم تكن شبه الجزيرة الكورية قد انقسمت على مستوى الأيديولوجيا أو السياسة، لكن بعد الحرب وزعت الدول الكبرى الأراضي التي كانت اليابان تسيطر عليها على بعضها بعضًا، فاستعادت الصين أراضيها، واحتلّت فرنسا الهند الصينية، وكانت شبه الجزيرة الكورية أشبه بالمائدة التي تقاسمتها كل من الاتحاد السوفيتي الذي حصل على الجزء الشمالي والولايات المتحدة التي حصلت على الجزء الجنوبي.
مع أن هذا التقسيم كان تقسيمًا مرحليًا ومؤقتًا حتى تنتخب حكومة كورية موحدة تعمل لمصلحة البلاد، لكن العلاقات العدائية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي أثرت كثيرًا في مصير شبه الجزيرة الكورية.
فقد بدأت الحرب الباردة بين الدولتين الكبيرتين، وهو ما انعكس على تحول كل جزء من كوريا إلى موالاة أحد الأطراف، فكان الجزء الشمالي من روسيا تحت مظلة الاتحاد السوفيتي وأفكاره الشيوعية، وكان الجزء الجنوبي تحت المظلة الأمريكية معاديًا للأفكار الشيوعية، وهو ما جعل الشعب الكوري ينقسم أيديولوجيا مع الوقت حتى أصبح من المستحيل تشكيل حكومة موحدة.
لجأت أمريكا إلى الأمم المتحدة من أجل حل المسألة الكورية، فقررت الأمم المتحدة إجراء انتخابات عام 1948 لانتخاب حكومة موحدة لكوريا، لكن الجزء الشمالي من كوريا رفض هذه الانتخابات وامتنع عن عملية التصويت، وبذلك صارت كوريا دولتين، ترغب كل منهما في السيطرة على الحكم، وعند خروج القوات السوفيتية والأمريكية من البلاد أصبحت الدولتان في مواجهة بعضهما بعضًا.
اقرأ أيضًا: أفضل 20 مسلسلًا كوريًا يستحق المشاهدة
الحرب غير المعلنة
بدأت الحكومتان الكوريتان تتعاملان مع بعضهما بعضًا بعدائية كبيرة، فكل منهما توجه ضربات عسكرية من حين لآخر إلى حدود الدولة الأخرى، حتى إن كوريا الشمالية تهورت حينما غزت كوريا الجنوبية بمساعدة الاتحاد السوفيتي، وهو ما جعل أمريكا تتدخل في الحرب رفضًا للتمدد الشيوعي في كوريا، وتصاعدت الأحداث، فتدخلت الصين أيضًا في الحرب بأكثر من مليون جندي لتستمر المعارك الأمريكية السوفيتية الصينية الكورية أكثر من ثلاث سنوات، وتنتهي باتفاقية لوقف إطلاق النار وتحديد مناطق آمنة بين الدولتين عام 1953.
اقرأ أيضًا: فيلم وثائقي بعنوان "فيلم مكتب 39 " عن كوريا الشمالية وتمويل مشروعاتها النووية
الوضع الحالي في كوريا
استمر الوضع في شبه الجزيرة الكورية حتى يومنا هذا على أحلام بعودة الوحدة، ومناوشات وعداءات في أوقات متفاوتة، لكن كل دولة منهما انتهجت طريقًا مختلفًا في إدارة البلاد.
فقد أصبحت كوريا الجنوبية أحد أقوى الاقتصاديات في العالم نتيجة الانفتاح على دول العالم المتقدم، واعتمادها على تطوير التعليم والصناعة، إضافة إلى القفزة الكبيرة في مجالات التعليم والطاقة والتقنية، في حين ضاعت كوريا الشمالية في مجاهل الديكتاتورية وحكم الفرد والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وصعوبة الخروج والدخول من كوريا الشمالية التي تحاط بسياج أمني رهيب كأنهم في سجن كبير.
أما ما يعرف بحرب البالونات فهي نوع المناوشات التي تحدث بين حين وآخر، فترسل إحدى الدولتين بالونات إلى الدولة الأخرى لإسقاط بعض الأشياء.
فعلى سبيل المثال تسقط بعض الجماعات النشيطة في كوريا الجنوبية أقراصًا صلبةً تحمل أغاني وموسيقى شعبية كورية، في حين ترد كوريا الشمالية بإرسال بالونات تحمل القمامة وكثيرًا من التهديدات التي تبدي حساسية كبيرة من وصول أي منتج ثقافي من كوريا الجنوبية إلى شعب كوريا الشمالية، وهو ما تعود عليه أهل كوريا في الشمال وفي الجنوب.
وفي نهاية هذه المقال الذي تضمن حكاية انفصال كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، نتمنى أن نكون قدمنا لك المتعة والإضافة بخصوص هذا الموضوع، ويسعدنا أن تشاركنا رأيك في التعليقات ومشاركة المقال عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة على الجميع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.