نقابل في حياتنا كثيرًا من الأشخاص الذين ينتمون إلى الشخصية الهزلية، فتجده معظم الوقت هزليًّا في تصرفاته وكلامه، اعتقادًا منه أنه خفيف الظل أو «خفيف الظل»، ومع استمرار هذا السلوك والأسلوب يصبح شخصًا مملًّا ويفقد احترام وتقدير الناس له، ويصبح لا قيمة له.
ولكي نفهم الأسباب النفسية وكيف وأين كانت بداية تلك الشخصية في التكوين وكيفية التعامل معها، علينا أن نسأل أسئلة عدة ونجيب عنها.
اقرأ أيضاً 1 مايو اليوم العالمي للكتاب الهزلي المجاني
متى تنشأ تلك الشخصية أو كيف وأين تكون البداية؟
دائمًا ما تبدأ الشخصية الهزلية في الظهور في مرحلة المراهقة، فالمراهق يستكشف نفسه، ويستكشف هويته، فأحيانًا يؤدي دور الرجل الوقور الرصين، وأحيانًا يعيش دور العالم المُفكر، والشخصية الهزلية صاحبها في أثناء المراهقة اختار أن يؤدي دور صاحب الظل الخفيف، ويظل يمزح ويمزح، فإذا قابل من حوله هذا النمط بالإعجاب، يحدث لديه ارتباط شرطي بين ما يفعله وإعجاب من حوله، وهذا يسبب له متعة ونشوة، فيستمر في هذا النمط ويكبر عليه، ويُرفض هذا النمط في ما بعد.
لكنه حينها لا يستطيع أن يتوقف عنه؛ لأنه كبر ونشأ على هذا، لذلك على الوالدين حين يجدان هذا أن يسعيا لربط ما يفعله في أثناء المراهقة بالقيم والأخلاق الحميدة، ولا يسمحان له بالتمادي في هذا الأمر، لكن دون اصطدام به؛ لأنه حينها سيعاند ويقاتل من أجل الاستمرار في هذا النمط والسلوك.
اقرأ أيضاً تجاوز سقف الكوميديا: الروايات المصورة لكاتبة مصرية تترك بصمة واضحة
ماذا نفعل مع زميل العمل الهزلي؟
1- دائمًا ما نسعى لدفعه أو جذبه إلى حوار جدي أو أمر جدي ولا نقبل منه تلك الهزلية أو السخرية في كلامه وأسلوبه، وحينها سيكون مضطرًّا؛ لأن يُجارينا في الحوار الجدي، فيتحول الحوار من الهزار والهزل الممل إلى شيء إيجابي مفيد.
2- نتجاهل هزله وسخريته وكأنه غير موجود، وحينها سيشعر أنه أصبح غير مقبول وأن هزله غير مرغوب فيه، وأن هذا أفقده قيمته في عيون زملائه، وحينها سيكون مضطرًا إلى تخفيف وإيقاف ما يعتقد هو أنه «خفيف الظل» وإلا أصبح شخصًا منعزلًا ومنبوذًا من زملائه، وربما أثر هذا في تقدمه المهني أو الوظيفي.
اقرأ أيضاً كيف أعادت مدرسة أبوت الابتدائية إحياء النوع التليفزيوني المثير للرعاية؟
ماذا تفعل الزوجة إذا ما ابتلاها الله بمثل هذا الشخص؟
1- في البيت.. في كثير من الأحيان تلك الشخصية الهزلية يصل بها الحال إلى عدم أداء واجباتها الأسرية تجاه البيت والأولاد والزوجة؛ لذلك على الزوجة أن تتعمد أن توكل إليه المهام التي يخشى فيها الفقد، بمعنى أن توكل إليه المذاكرة للأبناء مثلًا بحجة أنها لا تعرف كيف تذاكر للأولاد، أو بحجة أن الأولاد أصبحوا لا يستجيبون لها، وحينها سيخشى هو على ما يمكن أن يفقده؛ لأنه سيخشى على أولاده ومستقبلهم الدراسي، فيستجيب لطلب الزوجة وهكذا يكون قد أدى بعض واجباته تجاه أسرته.
أو أن تُوكل إليه إرسال وإحضار الأبناء من المدرسة أو الدرس أو النادي وهكذا، ويمكن القياس على تلك الأمثلة بأمثلة أخرى كثيرة كلٌّ حسب ظروفه وطبيعة بيته، فتبحث هنا الزوجة عن الطريقة التي يمكن لها بها دفع زوجها لأداء واجباته ودوره تجاه أسرته وبيته.
2- خارج البيت.. مثل الزيارات العائلية، من الأفضل ألَّا يظل صاحب الشخصية الهزلية وقتًا طويلًا في الزيارة، لأنه وبعد ثوانٍ من الجلوس سيبدأ في ممارسة الهزل والمزاح ما يجعله يفقد كثيرًا من احترامه وقدره، وهذا سيحرج الزوجة والأبناء، لذلك عليها أن تحرص على ألَّا تطول الزيارة حتى لا يراه الناس تافهًا، وإذا كان لا بد من أن تطول الزيارة فعليه أن يحضر في بداية الزيارة ثم يخرج ثم يعود مرة أخرى، فلا تظهر تلك التفاهة عليه، ويصبح الأمر محدودًا.
أخيرًا.. صاحب الشخصية الهزلية عليه أن يستبصر بذاته ويستبصر بنفسه، وحينها عليه أن يسعى للتغير من نفسه ومن سلوكه وأسلوبه حتى يحافظ على قدره وكرامته.
بقلم/ عادل عبد الستار العيلة.. مدرب معتمد للعلاقات الأسرية والزوجية
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.