تُعد المقارنة بين الأبناء -أو أحدهم- مع الآخرين أحد الأساليب غير السوية التي تتبعها الأسر في التعامل مع أبنائها؛ ظنًّا منها أن ذلك من شأنه أن يعزِّز أداء وسلوك الأبناء.
في هذه المقال نحاول تحليل آثار هذا النمط التربوي، وتقديم البدائل.
قد يهمك أيضًا منهج التربية الإيحائية وتأثيرها في أولادك
أهمية الأسرة في التربية
تُعد الأسرة أحد أهم مصادر بناء الشخصية، وبناء الحالة النفسية والسلوكية والقيمية عند الشخص، لتستمر معه إلى آخر العُمر، عبر أساليب التربية التي تتبعها في بناء الشخصية.
وتلجأ الأسرة مُمثلةً بالأم والأب، لانتهاج أساليب تربوية تنبثق مما ألفوه في ثقافتهم وذاكرتهم، واكتسبوه من معارف وعلوم في مراحلهم الدراسية التي عاشوها، سعيًا منهم لصناعة أبناء ناجحين في الحياة، وقادرين على مواجهة ضغوطات الحياة وتحدياتها ومغرياتها.
ومن تلك الأساليب، المقارنة بين الأبناء أو أحدهم مع آخرين كالإخوة والأقارب والأصدقاء من ذات الفئة العمرية؛ طمعًا في أن يُصبح هذا الابن ناجحًا، أو منافسًا كفؤًا لهؤلاء، أو أن يُحقق شيئًا من التفوق المدرسي أو المهني.
قد يهمك أيضًا ما هي الطرق الصحيحة لتربية الأطفال؟
آثار المقارنة في الشخصية
يؤثر إجراء المقارنات بين الأبناء أنفسهم، أو مع أقرانهم، في سلوك ونفسية الشخص، ويعزِّز هذا السلوك التربوي غير السوي مشاعر الدونية تجاه النفس، والعدوانية والغيرة تجاه الآخرين.
ويتحول لشعور بالدونية تجاه النفس لدى الشخص الذي يتعرض لهذا النمط من التربية، دون قدرة على تحقيق التطوير الذاتي، وإنجاز المنجزات التي من الممكن أن تترجم ميول الشخص واهتماماته الحقيقية.
ولا يتمكن الشخص من رؤية مزاياه وخصائصه الفكرية والنفسية، وسط الانهماك في التفكير بأفضلية الآخرين عنه، ما يعيق المهارات الشخصية من النمو، ويعيق الهوية الفردية من التشكُّل والبروز.
ورغم أن المقارنة ليست سيئة على الدوام؛ فهي قد تزكي الشعور بضرورة التطوير والتحسين لمجاراة الناجحين، وتعزيز ثقافة الحمد والقناعة بالمقارنة مع الأقل من الناحية الأدائية بالنسبة لذات الشخص، بيد أن المبالغة في المقارنة، والتي تكون في سني الطفولة والمراهقة، قد تشوِّه ثقة الشخص بنفسه وقدراته الذاتية.
وأيضًا تهدِّد المقارنة بتنمية جانب الانحراف والجريمة في شخصية الطفل الذي يتعرض للمقارنة، تجاه من يقارَن بهم، والأسرة والمحيط الاجتماعي.
خاصة في حال توصُّل الطفل أو الشاب لقناعة أن الجميع أفضل منه مهما بذل من جهد وأبدى من محاولات في مجاراتهم، وقد يحمل المحيط مسئولية فشله في تلك المجاراة، فيمسي الشخص ينهج سبيل الجريمة تجاه هذا المحيط.
قد يهمك أيضًا مراحل تربية الأطفال.. تعرف على البيئة الصالحة لتربية الطفل
كيف تصنع منه ناجحًا؟
ولكون المقارنة التي يعقدها الوالدان هي بهدف تكوين ابن ناجح، فإن تكوين نجاح الابن، بحاجة لمجموعة من الأساليب التربوية، كرواية القصص، وتحفيز أفعال الأبناء، والإغداق عليهم بالمديح، وعدم الإغراق في مقارنتهم بالآخرين.
والنجاح شيء نسبي، جزء منه مكتسب والآخر مغروس منذ الولادة غرسًا فطريًّا، وتقوم الأسرة إلى جانب بقية مؤسسات التنشئة في المجتمع بتعزيز وتنمية هذا الغرس.
وتُمثل القدوة والحوافز التي تقدمها الأسرة ومؤسسات المجتمع التربوية الرديفة، أحد أهم تلك الأساليب التربوية، إلى جانب عوامل النجاح المادية والاجتماعية المساعدة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.