الفيلم التسجيلي نوع من الأفلام، يهدف إلى توثيق الواقع، ونقل الحقائق كما هي بأسلوب موضوعي، أو شبه موضوعي، دون الاعتماد على الخيال أو التمثيل، ويركز الفيلم التسجيلي على تقديم قصة حقيقية من الحياة الواقعية، في هذا المقال سنستعرض تاريخ الأفلام التسجيلية، وتطورها عبر الزمن.
يستخدم الفيلم التسجيلي لتسليط الضوء على قضايا معينة، أو لإثارة الوعي عن موضوعات تهم المجتمع، ومن خصائص الفيلم التسجيلي:
انتقل إلى كورس صناعة الأفلام التسجيلية من هنا!
خصائص الأفلام التسجيلية
- الواقعية
تعتمد الأفلام التسجيلية على تصوير مشاهد حقيقية وأحداث دون اللجوء إلى التمثيل أو الخيال.
- السرد القصصي
على الرغْم من أنها توثق الواقع تستخدم الأفلام التسجيلية أسلوبًا سرديًا لجعل القصة مشوقة للمُشاهد وجذابة.
- الموضوعية
تهدف الأفلام التسجيلية إلى تقديم الحقائق دون تحيز، لكن في بعض الأحيان قد يعبر صانع الفيلم عن وجهة نظر معينة.
- البحث
تعتمد الأفلام التسجيلية كثيرًا على المقابلات مع أشخاص لهم علاقة مباشرة بالموضوع إلى جانب البحث الدقيق.
- الأخلاقيات
نظرًا لأن الأفلام التسجيلية تتحدث عن مواضيع حقيقية؛ فإن صانعي الأفلام يتحملون مسؤولية أخلاقية لتقديم الحقائق بدقة واحترام للأشخاص والموضوعات التي تطرحها.
بداية الأفلام التسجيلية
تعود أصول الأفلام التسجيلية إلى أواخر القرن التاسع عشر، تحديدًا مع ظهور الأفلام الأولى التي قدمها (الأخوان لومير) عام 1895م، وكانت هذه الأفلام قصيرة جدًّا، وتعرض مشاهد يومية من الحياة؛ مثل: خروج العمال من المصانع، أو وصول القطارات إلى المحطات، ورغم أنها كانت بسيطة في طبيعتها، لكنها تعد تسجيلية؛ لأنها تهدف إلى تصوير الواقع كما هو.
أحد أول الأفلام التسجيلية الكبرى كان فيلم (نانوك الشمال) عام 1922م، ويعد هذا الفيلم علامة فارقة في تاريخ السينما التسجيلية تقدّم توثيقًا لحياة الإسكيمو بأسلوب سردي رائع.
وعلى الرغم من أن بعض المشاهد كانت مرتبة، فإنها وضعت الأساس لصناعة الأفلام التسجيلية بعدها وسيلة لرواية قصص واقعية بأسلوب مشوق.
في الحرب العالمية الأولى والثانية أصبحت الأفلام التسجيلية وسيلة مهمة للدعاية والتوثيق، وقد استخدمت الحكومات الأفلام لنقل المعلومات، والتأثير في الرأي العام.
إن عددًا من الأفلام التسجيلية التي أنتجت في هذه المدة كانت تهدف إلى رفع الروح المعنوية لدعم مجهودات الحرب.
في الوقت نفسه تطورت تقنيات التصوير، وأصبح من الممكن تصوير مشاهد الحرب والمعارك مباشرة، ما أعطى الأفلام التسجيلية مزيدًا من المصداقية، وفتح الباب أمام الجمهور لرؤية أحداث العالم على نحو لم يكن ممكنًا من قبل.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ صانعو الأفلام البحث عن موضوعات جديدة بعيدة عن الحرب والدعاية الحربية، فظهرت أفلام توثق التغيرات السياسية والاجتماعية في العالم، وظهرت في فرنسا حركة السينما الحقيقية التي ركزت في تصوير الحياة اليومية كما هي دون تدخل من المخرجين، واستخدم صانعو هذه الأفلام الكاميرات المحمولة، وأدوات تسجيل الصوت المتنقلة، ما سمح لهم بتصوير موضوعاتهم في أمكنة حقيقية وبأسلوب عفوي.
مع ظهور التلفزيون في منتصف القرن العشرين ازداد الطلب على الأفلام التسجيلية، وقدم التلفزيون فرصة جديدة لصناع الأفلام التسجيلية للوصول إلى جمهور واسع، وأصبحت الأفلام التسجيلية تتحدث عن موضوعات العلوم والسياسة والطبيعة على القنوات التلفزيونية.
مع دخول العصر الرقمي تغيرت صناعة الأفلام التسجيلية على نحو كبير، فكانت تكنولوجيا الكاميرات الرقمية وبرامج التحرير الأسهل والأرخص في إنتاج الأفلام التسجيلية، والإنترنت ومنصات العرض الرقمية فتحا الباب أمام جمهور عالمي لمشاهدة الأفلام التسجيلية بسهولة.
اليوم أصبحت الأفلام التسجيلية وسيلة فعالة لنقل قضايا اجتماعية وسياسية مهمة، ولاقت هذه الموضوعات إشادة واسعة، وأسهمت في زيادة الوعي العام بهذه الموضوعات.
يبدو مستقبل الأفلام التسجيلية مشرقًا مع ظهور تقنيات جديدة؛ مثل: الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي، وتفتح هذه التقنيات آفاقًا جديدة للتفاعل مع الجمهور، وتقديم تجارب واقعية أكثر، وأصبحت الأفلام التسجيلية تتجاوز حدود الشاشة؛ لتقدم تجارب غامرة تتيح للمشاهدين الانغماس في قصص واقعية.
أهمية البحث في صناعة الأفلام التسجيلية
البحث هو العمود الفقري لصناعة الأفلام التسجيلية حيث يساهم في بناء محتوى موثوق ومؤثر، يساعد البحث المخرجين في فهم عميق للموضوعات التي يتناولونها واكتشاف الحقائق التاريخية والاجتماعية المرتبطة بها كما يتيح لهم التعرف على وجهات نظر متعددة مما يثري السرد ويمنح الفيلم عمقًا ومصداقية. من خلال البحث الجيد، يمكن لصانع الأفلام أن يختار زوايا مبتكرة ويعزز قوة التأثير العاطفي والرسالة التي يرغب في إيصالها للجمهور.
وفي الختام فإن تاريخ الأفلام التسجيلية قصة تطور مستمر، بدأت وسيلة بسيطة لتوثيق الحياة اليومية، وأصبحت اليوم أداة قوية للتغيير الاجتماعي والسياسي، ومع استمرار تطور التكنولوجيا ستظل الأفلام التسجيلية تؤدي دورًا مهمًا في تقديم قصص حقيقية تسهم في توسيع فهمنا للعالم حولنا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.