تعرف إلى أساليب التدوين على الصنارات

​لقد تعددت أساليب التدوين على صنارات الأبواب مع تعدد أشكالها، ففي عصر فجر السلالات يعد الملك أور-نانشة ملك مدينة لكش أول من دوَّن على صنارات الأبواب، وتميز بأسلوبه الخاص، فقد عُثر على صنارة مخروطية الشكل، كتب عليها عموديًّا على محيط الدائرة المخروطية. وكذلك الحجر الدائري الشكل لأن الدائرة قسمت أفقيًّا على هيئة أشعة الشمس.

كذلك اتبع الملوك في هذا العصر والعصور اللاحقة هذا الأسلوب، فهيئة الكتابة قد تكون دائرة كاملة أو ثلاثة أرباع الدائرة أو نصف دائرة أو بهيئة قوس، وفق شكل الحجرة المدون عليها.

اقرأ أيضًا أسباب تجعلك تبدأ في إنشاء مدونة

تغير أسلوب التدوين على الصنارة عبر العصور 

​ونجد أن التغير في أسلوب التدوين بدأ يظهر في عصر أور–بابا (2164-2144) ق.م؛ إذ تغير شكل الصنارة (النجران)، فأصبح يشبه حبة الفاصوليا أو بهيئة حجرة غير منتظمة الشكل، وغالبًا ما كانت الكتابة تدون على الكتف الأيسر (الجهة اليسرى) أو الأيمن من فتحة الصنارة، وقد استمر استخدام هذا الأسلوب في العصور اللاحقة.

​وفي العصر الأكدي لم يتغير أسلوب التدوين أو شكله، فإن الشيء الوحيد الذي تغير هو زيادة عرض الإطار التي تقع بداخله الكتابة المسمارية؛ إذ أصبحت الكتابة تقع في حقلين اثنين يقع أحدهما بجانب الآخر، وأحيانًا أخرى كانت الكتابة بهيئة منحٍ حسب شكل الحجرة.

وفي عصر سلالة أور الثالثة استخدمت جميع أساليب التدوين بأنماطها المختلفة، ولكن بدأ أسلوب وضع إطار الكتابة على جانب الحجرة الذي يكون عادة مستويًا ومسطحًا، مما يساعد على تدوين الكتابة عليه، كما هو الحال في صنارات الملك أور-نمو (2112-2095)ق.م فيعد أول من استخدم هذا الأسلوب في التدوين.

وفي هذا العصر نجد أسلوبًا آخر اتبعه الملك شو – سين (2307-2029)ق.م، فقد دوَّن إحدى صناراته على حجرة كروية الشكل، وكانت الكتابة على حقلين هما: وجه الحجرة وجوانبها.

أما في العصر البابلي القديم والكشي فقد كانت الأساليب نفسها متبعة كما في السابق، وفي العصر الآشوري نجد أسلوبًا خاصًّا أيضًا، فقد كانت الكتابة تدون بهيئة قوس أو بشكل خطوط مستقيمة تقطع بالعرض سطح حفرة الصنارة، وهو أسلوب يدعى أسلوب الكتابة بالعرض، أو بشكل محوري حول حفرة الصنارة (دائرية).

اقرأ أيضًا تحقيق الدخل والربح من خلال التدوين الكتابي عبر الإنترنت

الديباجات المدونة على الصنارات

كتابات الألف الثالث

​من المعروف أن اللغة السومرية هي اللغة الرسمية الوحيدة التي استخدمها السومريون للتدوين في المناطق التي عاشوا فيها في النصف الأول من الألف الثالث ق.م، أي: قبل قيام الدولة الأكدية، فنجد أن الديباجات المتبعة في عصر فجر السلالات وسلالة لكش الثانية أيضًا كان يستهل النص فيها بذكر اسم الإله أولًا، ثم يأتي اسم الملك ونسبه وصفاته أو ألقابه، ثم أسماء المعابد التي شيدها والنعوت التي تطلق عليه.

أما في العصر الأكدي فنجد تحولًا نحو استخدام اللغة الأكدية مع بقاء استخدام العديد من المفردات والمصطلحات السومرية التي كانت شائعة، وهذا ما لاحظناه في كتابات الملكين الأكديين مانشتوسو (2269-2255) ق.م وشار-كالي-شري (2217-2193)ق.م. حين طغى استخدام اللغة السومرية على اللغة الأكدية.

وعلى العكس من ذلك نجد أن الملك الأكدي نرام-سين (2254-2218)ق.م استخدم المفردات الأكدية أكثر من استخدامه للمفردات السومرية. ولوحظ في كتابات هذا العصر تقديم اسم الملك على اسم الإله، ويرجع هذا إلى سيادة القصر على المعبد.

​أما كتابات عصر أور الثالثة فمعظمها دون باللغة السومرية، وكانت تبدأ باسم الإله ثم الملك ما عدا كتابات شو-سين (2037-2029)ق.م، حيث سبق اسمه اسم الإله، ولا سيما أن هذا الملك كان يضع علامة التأليه (DINGIR) قبل اسمه.

كتابات الألف الثاني

​وهي تخص كتابات العصر البابلي القديم (2004-1595)ق.م، ومدة السيطرة اللكشية (1594-1157) ق.م وسلالة آيسن الثانية (1156-1025)ق.م، فعلى الرغم من انحسار استخدام اللغة السومرية وانتشار الأكدية؛ فإننا نجد أن الكشيين أبقوا على استخدام اللغة السومرية في الكتابات التذكارية، باستثناء اسم الملك الذي كان يدون بالأكدية، فقد اتبع الأسلوب نفسه في ديباجات العصور السابقة.

 كتابات الألف الأول

في العصر الآشوري الحديث بدأت ديباجات الكتابات المسمارية على الصنارات تتغير؛ إذ يعد الآشوريين أول من أدخل أسلوب الكتابة التاريخية على الصنارات، فهم تجاوزوا الاكتفاء بالكتابات المقتضبة أو القصيرة التي كانت شائعة في العصور السابقة إلى ذكر تفاصيل عن طريقة البناء، وعن الحملات العسكرية والسياسة الداخلية والخارجية، وقد كانت الأحداث تدرج بأسلوب متسلسل.

مع بقاء استخدام اللغة الأكدية المطعمة ببعض المفردات والمصطلحات السومرية، مثل اسم الملك والإله والمعابد، ونجد عند الآشوريين ميزة مخاطبتهم للملوك والأمراء اللاحقين والقسم بالإله أو الملك وإنزال اللعنات على كل من يعبث بالكتابة أو يغيرها، وهي تقريبًا ديباجات الكتابات السابقة نفسها.

اقرأ أيضًا كيف يكسب المدونون المال؟

مراسم وضع صنارات (نجارين) الأبواب

​تعد صنارات الأبواب من أنواع أحجار الأسس التي كانت توضع عند الشروع بالتشييد تحت أسس الزوايا الأربع للمعبد، وتحت المداخل أو دكة المحراب، مثلما في تماثيل الأسس البرونزية والمخاريط الطينية وغيرها من أحجار الأسس، وقد كان بناء المعابد في بلاد الرافدين مرتبطًا بشعائر دينية خاصة، يأتي في مقدمتها مراسم وضع حجر الأساس.

​وبما أن صنارات الأبواب هي من أحجار الأسس التي كان الغاية من التدوين عليها هو مخاطبة الآلهة القومية للبلاد، وتقديم تقرير مفصل عن نشاطات الملوك السياسية والإدارية والعمرانية، وعن الأعمال التي قاموا بها لخدمة الآلهة. فضلًا على اطلاع الملوك أو الأمراء اللاحقين على أعمالهم ونشاطاتهم؛ لذلك نجد الملك يخاطب الأمراء اللاحقين، ويوصيهم بالمحافظة على الكتابة وإبقائها في موقعها وعدم تخريبها.

وبواسطة النصوص المسمارية يتبين لنا أن عملية بناء المعابد كانت عملية دينية إلهية، فكانت تتخذ عددًا من الإجراءات عندما يشيد الملك مبنى أو حتى ترميمه، إذ إن الإله يأمر الملك ببناء المعبد ويعطيه المخطط في الحلم أو عن طريق الفأل، ويختار الشهر واليوم المناسب للمباشرة بالعمل، وبعد اختيار المنطقة المراد البناء عليها، تحرق بالنار، وتصب في الأساس كميات من الزيت، ويقدم الملك القرابين والأطعمة والمشروبات، ويؤدي بعض الشعائر الأخرى.

وكانت صنارة الباب توضع عندما ينتهي بناء المعبد أو القصر أو البوابة، أي: عندما ينهى البناء برمته، وكانت الصنارة تدهن بزيت خاص يسمى I.GIS ويقابلها بالأكدية (samnu).

وفي أحد النصوص يذكر نوع آخر من الزيوت وهو I.GU.LA ويقابلها بالأكدية (igulu) أي: الزيت المعطر، فنقرأ في النص ما يأتي:

sip-pu si-ga-ri me-di-lu-u GISIGMES I.GU.LA.A

u-tah-hi-id-ma

سكبت الزيت على عتبات الأبواب وأقفالها ومزاليجها.

وكانت الغاية من سكب الزيت طرد الأرواح الشريرة، وقد اتبعت هذه الشعائر في وضع أحجار الأسس الأخرى.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة