مصر.. ذلك المتحف المفتوح على مساحة مليون كيلومتر مربع، تبحث عن آثار فرعونية؟ موجودة، آثار رومانية؟ موجودة، آثار يونانية؟ أيضًا موجودة، آثار قبطية؟ تجد ما يسرك، تبحث عن آثار إسلامية؟ فذلك عز الطلب!
مصر كما قال القائل "بها بين كل مسجد ومسجد مسجد"، وذلك شيء ليس غريبًا عليها، فهي من أوائل الدول التي فتحها صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، لذا احتوت مجموعة من أوائل المساجد التي بنيت في التاريخ الإسلامي، ومن بعدها توالت الدول الإسلامية، وكل دولة كانت تأتي ومعها طرازها المعماري الفريد الذي يميزها.
واليوم قررنا أن نأخذ من كل بستان زهرة، ونتحدث عن أبرز المساجد الأثرية في مصر، ونفرز كل مسجد طبقًا لتاريخه وقصة بنائه، لذا تعال معي في جولة ممتعة في عالم الجمال الإسلامي.
كم عدد المساجد الأثرية في مصر؟
يقدر عدد المساجد في مصر بأكثر من 150 ألف مسجد، منها 351 مسجدًا أثريًّا، وذلك وفقًا لما قاله الدكتور أحمد مطاوع مدير عام تطوير المواقع بوزارة السياحة والآثار.
ولكن يجب ألاَّ ترى الرقم قليلًا، وذلك لأسباب عدة، أولها أنه رقم ليس قليلًا فعلًا، وثانيها وجود مساجد أثرية لم تسجل بصفتها آثارًا، والثالث أن هناك كثيرًا من المساجد الأثرية قد هدمت.
ما أقدم مساجد في مصر؟
في أثناء الفتح الإسلامي لمصر، حرص عمرو بن العاص رضي الله عنه خلال فتح المدن المصرية، على أن يبني مسجدًا في بعض من تلك المدن، ومنها:
مسجد سادات قريش
وهو من المساجد المهدور حقها في أقدميتها، إذ يذكر دائمًا أن أول مسجد في مصر هو مسجد عمرو بن العاص في القاهرة، ولكن الحقيقة أن ذلك المسجد في بلبيس بمحافظة الشرقية هو أول مسجد في مصر وقارة إفريقيا.
وقد بني المسجد في عام 18 من الهجرة، عام 639 ميلاديًّا، وقد سمي بذلك الاسم لوقوع معركة بين المسلمين والرومان في مدينة بلبيس بالشرقية، وقد انتصر فيها المسلمون انتصارًا ساحقًا، وقد استشهد في تلك المعركة نحو 120 صحابيًّا من قبيلة قريش في تلك المعركة، ودفن نحو 40 شهيدًا منهم بجوار مئذنة المسجد.
مسجد عمرو بن العاص
تاج الجوامع أو المسجد العتيق أو ثاني مساجد مصر، أحد أهم المساجد التاريخية في مصر على الإطلاق، وقد بناه الصحابي الجليل عمرو بن العاص عام 20 هجرية في عاصمته التي أنشأها في مصر "الفسطاط"، ويروى أيضًا أنه أُنشئ في المكان نفسه الذي نصب فيه عمرو بن العاص خيمته.
مسجد عمرو بن العاص في دمياط أو المسجد الكنيسة
وقد بني ذلك المسجد في عام 21 هجرية بعد فتح دمياط، وقد بني على الطراز نفسه لسلفه الأكبر مسجد القاهرة "المسجد الكنيسة"، لأن ذلك المسجد قد تحول لكنيسة عدة مرات، منها مرة على يد إمبراطور القسطنطينية اللاتينية "جان دي بريين" عام 1219، ومرة أخرى على يد "لويس التاسع" عام 1249، ولكنه أعيد مسجدًا مرة أخرى.
مسجد التوبة
في طريق عمرو بن العاص لفتح الإسكندرية، مر على مدينة "دمنهور" بمحافظة البحيرة، وفتحها بعد معركة دارت في قرية "سنطيس" التي تبعد عن دمنهور بمسافة 9 كم، وهزم عمرو بن العاص البيزنطيين الموجودين في سنطيس عام 21 هجرية، ومن بعدها هرب حاكم دمنهور البيزنطي إلى حصن الكريون "في مدينة كفر الدوار"، وبعدها أسس عمرو بن العاص مسجد التوبة في دمنهور.
مسجد أحمد بن طولون
"أريد أن أبني جامعًا إذا غرقت مصر بقي، وإن احترقت بقي".. يقال إن تلك الكلمات قالها "أحمد بن طولون" مؤسس الدولة الطولونية، معلنًا بها شارة البدء في بناء ذلك المسجد الذي انتهوا منه عام 876 ميلاديًّا، ويقال إن المهندس الذي بنى ذلك المسجد مسيحي مصري اسمه "السعيد بن كاتب الفرغاني".
وترجح بعض الآراء أن من بنى ذلك المسجد مهندس عراقي، اسمه أحمد بن محمد الحاسب، وذلك للتشابه الكبير بينه وبين مسجد سامراء.
لماذا لا يصلَّى في جامع ابن طولون؟
تذكر قصة في هذا الموضوع، تقول إن سبب عدم الصلاة في ذلك المسجد أن السيدة نفيسة قد بدأت ثورة من ذلك المسجد على الأمير أحمد بن طولون، وذلك عندما استغاث الناس بها من الظلم الذي وقع عليهم منه.
توجد قصة أخرى تقول إن الناس امتنعت عن الصلاة في ذلك المسجد، لما وقع في أنفسهم الشك من كون مصدر المال الذي بني به المسجد غير معروف.
تخيل عزيزي القارئ أننا استغرقنا مقالًا كاملًا من أجل أن نتحدث فقط عن 5 مساجد أثرية في مصر، وفقط تحدثنا عن تاريخ إنشائها وسبب ذلك، فما بالك بباقي المساجد؟
للحديث بقية إن شاء الله، وسوف نتحدث عن مجموعة من تحف مصر في الآثار الإسلامية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.