تمثل التعديلات الأخيرة التي أدخلتها المملكة العربية السعودية على قانون العمل تحولًا نحو بيئة عمل أكثر تنظيمًا وشفافية.
ومن المقرر أن تدخل هذه التغييرات حيز التنفيذ في 18 فبراير 2025، وهي تتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى إيجاد سوق عمل متوازن يشجع على المعاملة العادلة والسعودة وتحسين ظروف العمل.
فيما يلي نحلل التغييرات الأساسية، وتأثيراتها القانونية والعملية، والإجراءات الرئيسية التي يجب على الشركات اتخاذها لضمان الامتثال.
قد يهمك أيضًا تعرف على أشهر المنتجات السعودية
تشديد القواعد الخاصة بالتوظيف والاستعانة بمصادر خارجية
وتأتي هذه التعديلات بتغييرات كبيرة في لوائح التوظيف والاستعانة بمصادر خارجية. ومع تركيز وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على تنظيم الشركات التي توفر العمالة المؤقتة، تواجه هذه الشركات متطلبات ترخيص أكثر صرامة وغرامات باهظة (200 ألف ريال سعودي إلى 500 ألف ريال سعودي، أي ما يعادل 53 ألف دولار إلى 133 ألف دولار) في حالة عدم الامتثال.
وتشمل القطاعات الأكثر تأثرًا قطاعات البناء والخدمات اللوجستية والتصنيع والتكنولوجيا، حيث تعتمد بدرجة كبيرة على العمالة المؤقتة.
يتعيَّن على أصحاب العمل التحقق من أن مقدمي التوظيف يحملون التراخيص الصحيحة وأن جميع شروط العقد تتوافق مع اللوائح الجديدة.
ويدفع هذا التحول الشركات إلى إعادة النظر في نهجها في إدارة القوى العاملة والتركيز على التوظيف عن طريق القنوات الرسمية المرخصة. ويتماشى ذلك مع تركيز رؤية 2030 على التوطين، الذي يشجع على توظيف المواطنين السعوديين عن طريق جعل طرق التوظيف البديلة والمنصات المدعومة من الحكومة أكثر بروزًا.
إن عدم الامتثال لا يؤدي إلى مخاطر تعطيل العمليات فحسب، بل قد يؤدي أيضًا إلى أضرار جسيمة بالسمعة.
قد يهمك أيضًا مشاريع صغيرة ناجحة للشباب في السعودية..أنشط 12 قطاع
أحكام الإجازة المعززة
وتعمل التعديلات الجديدة أيضًا على توسيع نطاق استحقاقات الإجازة، بمنح 12 أسبوعًا من إجازة الأمومة (ستة منها إلزامية بعد الولادة)، وثلاثة أيام من إجازة الأبوة، وثلاثة أيام إضافية من إجازة الحداد في حالة وفاة أحد الأشقاء.
تظهر هذه التغييرات تحولًا تدريجيًّا نحو معايير العمل العالمية، مع التركيز على التوازن بين العمل والحياة ودعم الأسرة.
يجب على أصحاب العمل مراجعة سياسات الإجازات الحالية وتحديث كتيبات الموظفين لتظهر هذه الحقوق، وضمان التنفيذ السلس وتجنب الصراعات المحتملة.
إن التوثيق التفصيلي والتواصل الواضح بشأن هذه السياسات أمر ضروري للسماح للموظفين بفهم حقوقهم وتعزيز ثقافة العمل الداعمة التي تتوافق مع الإطار القانوني الجديد.
تعزيز مكافحة التمييز وتكافؤ الفرص
وتتضمن التعديلات سياسات صارمة لمكافحة التمييز، مع التأكيد على تكافؤ الفرص في التوظيف والتشغيل. ويحظر القانون الآن التمييز على أساس العرق أو الجنس أو الإعاقة أو العمر، ما يلزم أصحاب العمل بتعديل ممارسات التوظيف وسياسات الموارد البشرية وفقًا لذلك.
وفي القطاعات المعرضة تاريخيًّا للتفاوتات ــ مثل التوظيف والترقية والتعويضات ــ أصبحت الشركات الآن ملزمة قانونًا بفرض المعاملة العادلة.
وتدعو هذه المهمة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، بما في ذلك معايير توظيف موحدة، وعمليات تدقيق منتظمة لممارسات التوظيف، ووصف وظيفي واضح.
تبسيط إجراءات الاختبار والإنهاء
وتنص التعديلات على توضيح شروط مدة الاختبار، فقد تسمح الآن بمدة أقصاها 180 يومًا دون الحاجة إلى اتفاقيات تجديد. إضافة إلى ذلك، يمكن الآن إنهاء العقود المحددة المدة قبل انتهاء مدتها، حيث تصبح الاستقالة سارية المفعول بعد 30 يومًا دون رد من صاحب العمل.
بالنسبة للعقود غير محددة المدة، تبلغ مدة الإشعار 30 يومًا للموظفين و60 يومًا لأصحاب العمل.
تسهم هذه التغييرات في تبسيط إدارة العقود، وتقليل العبء الإداري على فرق الموارد البشرية، وضمان الشفافية في العلاقة بين صاحب العمل والموظف.
الالتزامات المتعلقة بالسكن والنقل والتدريب
تفرض التعديلات الجديدة مسؤوليات إضافية على أصحاب العمل، لا سيما فيما يتعلق ببدلات السكن والنقل التي يمكن تقديمها إما مباشرة وإما مكافأة نقدية.
ويُعدُّ هذا القرار مهمًّا خاصة بالنسبة للمنظمات التي توظف عددًا كبيرًا من المغتربين؛ لأنه يتماشى مع هدف الحكومة المتمثل في تحسين مستويات المعيشة للعمال الأجانب.
فضلًا على ذلك، أصبح لزامًا على أصحاب العمل الذين لديهم 50 موظفًا أو أكثر أن ينشئوا برامج تدريبية تركز على المواطنين السعوديين. ويتطابق هذا مع هدف التوطين في رؤية 2030، ما يدفع الشركات إلى الاستثمار في صقل مهارات المواهب المحلية والحد من الاعتماد على العمالة الأجنبية.
وسوف تحتاج الشركات في كافة القطاعات إلى دمج خطط التدريب الرسمية وتتبع فعاليتها كونها جزءًا من جهود التوطين هذه.
خطوات الامتثال للأعمال
تظهر هذه التعديلات التزامًا أعمق بالتوافق التنظيمي، ما يطرح تحديات ويتطلب تدابير استباقية من أصحاب العمل. وتتضمن الخطوات الرئيسية للشركات ما يلي:
- مراجعة عقود التوظيف: يجب على الشركات التأكد من امتثال شركاء التوظيف لمتطلبات الترخيص الجديدة لتجنب العقوبات والاضطرابات التشغيلية.
- تحديث السياسات والتواصل مع الموظفين: يجب على أصحاب العمل تحديث كتيبات الموظفين والسياسات الداخلية لتتوافق مع حقوق الإجازات الجديدة ومعايير مكافحة التمييز وشروط الاختبار، والتأكد من توصيل هذه التغييرات على نحو فعال لتجنب سوء الفهم.
- تطوير برامج تدريبية مخصصة للسعوديين: يُعدُّ تلبية متطلبات التدريب الجديدة للموظفين السعوديين أمرًا ضروريًّا للامتثال ويمكن أن يسهم إيجابيًّا في تطوير المواهب داخل المنظمة.
- الحفاظ على توثيق شامل: يُعدُّ الاحتفاظ بسجلات تفصيلية لجلسات التدريب وحقوق الإجازات وأي تحديثات للعقد أمرًا ضروريًّا لتلبية المتطلبات التنظيمية وضمان التدقيق أو المراجعة السلسة من قبل السلطات.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.