يتطور التعليم تطورًا سريعًا، وتشهد أساليبه وتقنياته تحوُّلات جوهرية بنسق التحولات الاجتماعية والثقافية والثورة التكنولوجية. ففرضت هذه التحولات في كل مرحلة استنباط طريقة تعليم مختلفة.
أهم مناهج التعليم عبر العصور
مرت مناهج التعليم عبر العصور بتطورات كبيرة، فتأثرت بالظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل عصر. فيما يلي لمحة تاريخية عن تطور المناهج التعليمية عبر العصور:
منهج التوليد السقراطي
يُصنَّف أول تجربة واعية للتعليم ابتكرها الفيلسوف والمعلم الإغريقي سقراط (القرن 5 - 4 ق.م)، ويقوم على طرح الأسئلة لاستفزاز ذاكرة المتعلمين وتحفيزهم على التفكير النقدي واكتشاف المعرفة بأنفسهم بالتذكر، ذلك أنه يتبنى أفكار أستاذه أفلاطون نفسها، كون المعرفة تأتي من عالم المثل (تعريف أفلاطون للمعرفة بكونها تذكر، وأن الجهل نسيان). فلم يتطلب التعليم بهذا المنهج تقنيات معقدة، بكونه لا يعتمد سوى على الحوار والأسئلة، واعتُبر خلال قرون في العصور القديمة النموذج المثالي والفعال لنقل المعرفة.
منهج التعليم الإسلامي التقليدي في الكتاتيب
يقوم على أسلوب التلقين، وقد اُعتمِد لتحفيظ القرآن وترسيخ العلوم النقليَّة واللغة. ويستهدف مَلَكَةَ الحفظ لدى المتعلمين من الأطفال والشباب خاصة، واعتمد على أدوات تقليدية أبرزها الألواح التي يستعرض بواسطتها المتعلمون ما حفظوه.
المنهج الغربي التقليدي (الأكاديمي)
يعتمد هذا المنهج المحاضرة والسبورة وسائل تعليمية، وكان المعلم المصدر الأساسي للمعرفة. وركز هذا النموذج على نقل المعلومات دون تفاعل فعلي من المتعلم الذي كان دوره محدودًا في العملية التعليمية، مثله مثل النموذج الإسلامي.
المناهج الحديثة
سِمَتُها التنوع والاعتماد على التكنولوجيا، وما استندت إلى نظريات علمية تحولت إلى قواعد بيداغوجية، منها البنائية، ونظرية التعلُّم الاجتماعي، والنظرية السلوكية.
وتقوم النظرية البنائية على مبدأ أن المتعلم يبني معرفته الخاصة اعتمادًا على التجربة والتفاعل مع المحيط، وتنسب البنائية إلى العالم النمساوي جان بياجيه.
أما نظرية التعلم الاجتماعي فتؤمن بأن التعلم يحدث بمراقبة المتعلم للمجتمع (الفصل الدراسي يُعد جزءًا منه) لاتخاذ نموذج كالأب أو المعلم، فيكتسب معارفه بتقليده.
أما النظرية السلوكية فترتكز على غرس المعرفة والسلوك عن طريق التحفيز والتكرار حتى يحدث التكيُّف، ومن أبرز رواد المدرسة السلوكية العالم الروسي بافلوف والأمريكي واتسون.
فالملاحظ أن المناهج التعليمية الحديثة تركز على تفاعل المتعلم مع البيئة المحيطة واستنفار جميع حواسه في عملية التعلم، وأصبح دور المعلم يقتصر على التوجيه والإشراف على تنظيم عملية التعليم بتوظيف الوسائل والطرق البيداغوجية الحديثة، مع التركيز على الوسائل البيداغوجية المتطورة مثل الفيديوهات التعليمية، والخرائط التفاعلية، وبرمجيات المحاكاة الافتراضية.
أهمية تقنيات التعليم الحديثة وتنوعها
يُعد استخدام التقنيات التعليمية في النظام التعليمي الحديث ضرورة لضمان إتقان المتعلمين للمعارف والمهارات. ويعتمد المعلم على مجموعة من الوسائل لجذب انتباه المتعلمين وإثارتهم للحصول على المعلومات، ما يعطي عملية التعلم جدوى ويفتح آفاقًا جديدة للمعرفة.
وتتضمن الوسائل التعليمية الحديثة التكنولوجيات السمعية البصرية، ووسائل الإيضاح، والتكنولوجيا التربوية التي تساعد على تبسيط المفاهيم وتقديم المعلومات بأسلوب يشد المتعلمين ويضفي على حصص التعلم حركية إيجابية، ويعتمد هذا النظام التعليمي على أسلوب التفكير والتنظيم والتخطيط لإضفاء النجاعة على التعليم.
تطور التعليم في العصر الرقمي
شهد التعليم تطورًا ملحوظًا باستخدام الإنترنت عبر الحواسيب والهواتف الذكية، ما أدى إلى ظهور التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني.
وقد سهَّل ظهور المنصات التعليمية الرقمية على مختلف الفئات المتعطشة للتعلم، بما في ذلك الفئات الهشة، مثل ذوي الاحتياجات الخصوصية، الولوج إلى مصادر أرحب للتعليم، ووفر فرص الاستمرار في التعلم مدى الحياة.
ولقد حقق التعليم، بفعل تراكمي، تطورًا ملحوظًا جعله يرتقي بمستوى تكوين الأفراد وتأهيلهم لمتطلبات الحياة العصرية، لكن هذا التطور يصطدم ببعض العراقيل، أبرزها رفض فئات كثيرة بين معلمين وأولياء المتعلمين الانخراط في موجة التعصير لأسباب متنوعة، وكذلك عجز الدول الفقيرة عن تحمل أعبائه المالية.
مقال ممتع جدا ... احسنت النشر
معلومات مهمة ومفيدة 👍👍 بالتوفيق
محتوى رائع . مشكور سي الحبيب على هذا المقال المفيد و الرائع
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.