تساؤلات مشروعة حول الشاشات بأيدي أطفالنا

حينما أنظر لحال أطفالنا اليوم وأجد أن لديهم أحدث الهواتف النقالة التي يقضون الساعات أمام شاشاتها يوميًّا، حتى صارت الصديق المؤنس لهم، يختلون بها، تُسعدهم، تُمتعهم، تلبي كل مطالبهم، حتى سألت نفسي هذا السؤال: هل الهواتف المحمولة بيد أطفالنا ضرورة؟

في البداية دعونا نذكِّر أنفسنا بالغاية التي من أجلها اختُرع هذا الجهاز، أليست بدافع التواصل مع الأقارب والأصدقاء، حتى للحصول على خدمات بعيدة عنا؟

أسئلة بحاجة لإجابات

هل الهواتف النقالة بيد أطفالنا اليوم، بدءًا من سن الروضة حتى الجامعة، لهذه الغاية التي من أجلها اختُرع هذا الجهاز؟ أم أنه صار وسيلة للتسلية والترفيه عن النفس وقضاء وقت الفراغ والجد معًا؟

حال أطفالنا أمام شاشات الهواتف النقالة، يصيبنا بالدهشة والاستغراب، ويدفعنا للتساؤل: أين الآباء والأمهات من كل ما يحدث؟ ما الذي يدفع الآباء والأمهات لاقتناء أطفالهم لمثل هذه الهواتف الذكية في هذا السن؟ أليس الأولى أن يقضي أطفالنا تلك الساعات التي يقضونها أمام الشاشات، أمام صفحات كتبهم الدراسية؟ أليس من الأولى أن يجلس هؤلاء الأطفال مع أهليهم وعائلاتهم ويتبادلوا أطراف الحديث في الموضوعات التي تهم الأسرة والعائلة؟

ألسنا بذلك نرتكب جناية في حق أطفالنا الصغار الذين لا يدركون عواقب الأمور، ولا يفرقون بين الجيد والرديء في هذه المرحلة الخطرة من حياتهم؟ لماذا نراهن على حكمة صغارنا على الرغم من تحققنا أنه رهان فاشل، بدليل أن كثيرًا من الكبار فشلوا فيه، فكيف بالصغار؟

ألم يسمع هؤلاء الآباء والأمهات عن الأضرار الجسيمة للهواتف النقالة على صحة أطفالهم، صحيًّا، جسميًّا، نفسيًّا، لغويًّا، وعلى تحصيلهم وأدائهم الأكاديمي؟

ألم ينتبه هؤلاء الآباء والأمهات بعد للأسباب التي أدت لإصابة كثير من أطفالنا في هذا الزمان باضطرابات التواصل الاجتماعي والتوحد وفرط الحركة وتشتت الانتباه؟

ألم يعلموا السبب بعد وراء انتشار هذه الاضطرابات بهذا الشكل المرعب خلال العقد الأخير، ما يجعلهم يعيدون التفكير في ترك أطفالهم بالساعات يوميًّا أمام الشاشات؟

أيها الأب، أيتها الأم، يا من تدافعون عن قراركم بتملك أطفالكم في عمر الزهور لهذا الجهاز الذكي، أيهما أفضل لابنك/ ابنتك: أن تقضي هذه الساعات من عمرها كل يوم أمام شاشة الهاتف أم في ممارسة رياضة تحبها سواء أكانت فردية أم جماعية؟

أليس من الأولى بدلًا من جلوس الأطفال بالساعات أمام الشاشات كل يوم، وما يترتب على ذلك من أضرار صحية ولغوية ومخاطر التعرض للإصابة بالاضطرابات وغيرها، أن يقضي طفلك هذا الوقت في مهارة يحبها كمهارة الرسم مثلًا، وأن توفر أيها الأب وأيتها الأم الأدوات والوسائل والكلمات التي تشجعه على تنمية هذه المهارة، وتحفِّزه للاشتراك في المسابقات والحصول على الجوائز؟

هل سألت نفسك أيها المربي الفاضل، وأيتها المربية الفاضلة، نفسك أو طفلك سؤالًا: ما مضمون المحتوى الذي تشاهده؟ وهل لديك ثقة بأن طفلك لن يمر أمام عينيه بقصد أو دون قصد منظر أو مشهد خادش للحياء وللذوق العام وللقيم والمبادئ التي تربَّى عليها في البيت؟

معاشر الآباء والأمهات، ألم يرد إلى مسامعكم أو أبصاركم حديث الخبراء والمختصين عن علاقة التعرض للشاشات حتى الفيديوهات القصيرة منها أو ما يسمى بالريلز على انتباه وتركيز أطفالكم؟

هل تنتظرون أن يُصاب أطفالكم بالتوحد أو باضطراب التواصل الاجتماعي أو التأخر اللغوي أو عيوب بالنطق والكلام وغيرها من الاضطرابات التي أصبحت شائعة في أيامنا هذه بسبب كثرة التعرض للشاشات بأنواعها المختلفة؟

إذا كنت لا تملك الوقت الآن للجلوس مع طفلك، وأرحت نفسك وجلبت الهاتف النقال له كي تستريح من مضايقاته ومشاكساته لك بأن تلعب معه، ألم يخطر ببالك لحظة ما، إمكانية أن تتنقل بين عيادات الاختصاصيين النفسيين والتخاطب والعلاج الطبيعي بحثًا عن حل للمشكلات التي يعاني منها طفلك؟ هل وقتها سيكون لديك الوقت الكافي لذلك؟

توضيح

في الحقيقة عندما فكَّرت في كتابة هذه المقالة، كنت أود الحديث عن الأسباب التي تدفع الآباء والأمهات إلى اقتناء أطفالهم في سن مبكرة للهواتف النقالة ومحاولة تفنيدها والرد عليها وبيان رأي المختصين والخبراء التربويين فيها، فإذ بي أجد هذا السيل من الأسئلة وأنا فقط أكتب مقدمة المقالة.

لذلك اعذروني، فكل سؤال من هذه الأسئلة يحتاج لمقالات، لا سيما وأن قضية تعرض الأطفال للشاشات هي بحق مرض العصر الذي استشرى في بيوتنا على نحو مرعب، وانتشار كثير من الاضطرابات التي لم نكن نسمع عنها قبل سنوات، مثل اضطرابات التواصل الاجتماعي، واضطراب التوحد، وتأخر النطق والكلام، وصعوبات التعلم وفرط الحركة وتشتت الانتباه وغيرها من الاضطرابات التي صرنا نسمع عنها اليوم.

كل ذلك يدفعني أن أطلب من حضراتكم معاشر الآباء والأمهات أن تشاركونا بآرائكم في الأسئلة التي طرحناها في هذه المقالة، التي يمكن أن نسميها تساؤلات حول الشاشات، على أن نخصص مقالة لكل سؤال منها، نجيب فيها عن الأسباب والعلاج.

ختامًا، أنتظر من حضراتكم تعليقاتكم أسفل هذه المقالة، مع الوعد بالرد عليها، بل وتخصيص مقالة للرد عن كل سؤال منها، والاستعانة بآرائكم من واقع خبراتكم وتجاربكم، بصفتكم آباء ومربين.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة