تركيا الحديثة بقيادة حزب العدالة والتنمية تسعى نحو الاقتصاد الإسلامي؛ ليكون نموذجًا عالميًا يحتذى، فتركيا اليوم تبحث عن موقعها التاريخي الرائد الذي أفل مع بداية الحرب العالمية الأولى، تعود تركيا الجديدة الحالمة بعودة إمبراطوريتها التي حكمت بقعة كبيرة من العالم القديم.
تركيا تحاول العودة لثقافة العثمانيين مرة أخرى
تعود لتحاكي نموذجها الإسلامي الفريد، فثقافة السلاطين العثمانيين إسلامية وطراز حكمهم كان مميزًا، فهو تركي طوراني مطعم بمفاهيم إسلامية، وبذلك نحا العثمانيون منحى فريد في نظام حكمهم، ومن وسائلهم التأكيد على نظافة المال وطهره، وذلك بعدم تلوثه بمال الفائدة والقروض الربوية، والمعاملات المالية غير الشرعية.
ويبحث اليوم القادة الأتراك وفي مقدمتهم الرئيس رجب طيب أردوغان عن آلية لإلغاء القروض الربوية على نحو ما قاله الرئيس أردوغان (صفر فائدة في البنوك): إن مثل هذا التطلع من قبل تركيا يرعب الغرب كله،.
ومردّ هذا ليس لأن تركيا قوية، بل لأن البنوك العالمية كلها بنوك تعتمد على الربا والفوائد الربوية ونشوء نظام مصرفي ناجح ومغاير وبلا ربا وفوائد ربوية، سوف يطيح بكل النظام البنكي الربوي الذي يحكم العالم اليوم.
يحتدم اليوم الصراع بين تركيا والغرب بين تأكيد تركيا السير في هذا الطريق إلى النهاية ليبلغ النظام المصرفي (صفر فوائد)، وذلك عبر تخفيض نسبة الفائدة شيئًا فشيئًا للوصول إلى الصفرية، بينما الغرب ورجال الأعمال الذين يعملون في القطاعات المصرفية يريدون رفع الفائدة لأن هؤلاء يريدون مضاعفة ثرواتهم وهم جالسون في مكاتبهم أو متكئون على أرائكهم في بيوتهم.
بينما رجال الأعمال الصناعيين والمنتجين الفعليين يؤيدون خفض الفوائد ليتسنى لهم تطوير أعمالهم وزيادة إنتاجهم عبر أخذهم القروض التي تساعدهم على توسيع نشاطاتهم ومضاعفة إنتاجهم.
إن هذا الإجراء سيأخذ بعض الوقت لحصد نتائج مرضية كما يأمل الاقتصاديون الأتراك المتوافقون مع رأي القيادة التركية، ثمة عقبة يجب الانتباه لها وهي إعطاء القروض تلك لرجال أعمال حقيقيين صادقين غير وهميين كما جرت العادة في بعض الدول، حيث يمكن لبعض الأفّاقين أن يفتتح معملًا أو منشأة وهمية.
ستجد أيضًا على منصة جوك أفضل 5 جامعات للدراسة في تركيا
الخطة الإقتصادية التي تسعى لها تركيا
فيأخذ قرضًا صناعيًا ويأخذ المال ليتصرف به على غير النحو الذي وضع له، وبذلك تصبح عملية التنمية المرتجاة غير حقيقية، ويصبح البرنامج كله محض خيال وغير واقعي، وتكون التنمية زائفة، أما لو أعطيت القروض لمنشأة حقيقية وإنتاجية فسوف ينعكس هذا الأمر على كثرة الإنتاج وجودته.
وبالتالي ينعكس على الاقتصاد الوطني ووارد التصدير الذي يأتي بالقطع الأجنبي، وحين تدور عجلة الإنتاج والتصدير يحقق البلد عائدات مالية عالية، وهذا ما يفكر فيه الأتراك.
إن نجاح تلك التجربة سيجعل رجال الأعمال وأهل المعامل والمنشآت يعزفون عن الاقتراض من البنوك الربوية والفوائد، ويعدلون نحو البنوك الإسلامية التي تعطي قروضًا بلا فائدة، أو ربما بقروض تجارية مضاربة حيث تعتمد على مبدأ الغرم بالغنم، أي جزء من الأرباح الحقيقية يتم الاتفاق عليها بين الطرفين.
وبهذا فإذا ما انتشرت مثل هذه البنوك سوف لن تجد حيزًا في السوق للبنوك الربوية وبذلك تتعطل كل أعمال أصحاب رؤوس الأموال والمودعين ورجال المال، الذين ديدنهم الربح فقط ولا شيء سوى الربح من خلال إيداع أموالهم فقط في تلك البنوك.
ترى هل سيصمت أولئك الرأسماليين على انتشار مثل تلك البنوك الإسلامية التي ستضر مصالحهم بالتأكيد لا..
فالموضوع هو حرب بكل شراسة سيشنونها على كل من يحاول ضرب النظام المصرفي الربوي السائد اليوم ولن يسمحوا بقيام نظام اقتصادي عالمي جديد، مهما كلفهم هذا من جهود، فالمسألة مسألة وجود أو عدم وجود وليست مسألة تنافس وسباق، إنها قضية كعض الأصابع أيهما يصرخ أولا ليكون هو الخاسر.
ستجد أيضًا على منصة جوك الاقتصاد الأسود .. الصداع المستمر للحكومات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.