تربية واعية.. تأديب الأطفال دون كسر شخصيتهم

في مشهدٍ يتكرر كل يوم، طفل يتسلق الكنبة، يسكب العصير، يكسر لعبة، يرفض ارتداء ثيابه، يصرخ. وما إن يحدث ذلك حتى تنطلق الكلمة الأشهر في عالم التربية: «لا!»، لكن.. هل فكَّرنا يومًا في وقع هذه الكلمة على الطفل؟ هل كل «لا» تنهر، وكل «نهي» يؤدب؟ وهل يمكن تأديب الطفل دون أن نكسر داخله الحماسة، ولا نطفئ فيه روح الاكتشاف؟

في هذا المقال، نغوص في فن التأديب الواعي، الذي لا يستند إلى الصراخ والتهديد، بل إلى الفهم والتوجيه والاحتواء.

هل التأديب هو العقاب؟

التأديب ليس عقابًا، بل تعليمٌ بالحب، أول خلط شائع يقع فيه كثير من الأهل هو عدُّ التأديب مرادفًا للعقاب، في حين جوهر التأديب الصحيح هو تصحيح السلوك دون إيذاء الشعور.

التأديب ليس عقابًا بل تعليمٌ بالحب وجوهر التأديب الصحيح هو تصحيح السلوك دون إيذاء الشعور

الهدف من كل موقف تأديبي يجب أن يكون تعليم الطفل مهارة ما «مثل التحكم بالغضب، أو احترام النظام»، وليس «إيلامه» نفسيًا أو جسديًا، حتى يرتدع. التأديب الناجح هو ذاك الذي يُرشد، لا يُهين، يعالج السلوك، لا يهاجم الشخصية.

كلمة «لا».. سيف ذو حدَّين، لا مشكلة في قول «لا» متى كان ذلك ضروريًّا، لكن المشكلة تبدأ عندما تصبح «لا» ردَّنا التلقائي على كل تصرف للطفل. حينها، يفقد الطفل حماسته للاستكشاف، ويشعر أن وجوده مزعج، وأنه مراقب على الدوام.

  • بدل أن نقول: «لا تلمسيمكن أن نقول: «دعني أريك كيف تمسكها بأمان».
  • بدل: «لا تصرخنقول: «تكلَّم بهدوء حتى أستطيع فهمك».

بهذا، لا نكتم صوته، بل نعلّمه كيف يُعبّر.

التأديب أولًا

التأديب يبدأ قبل الخطأ.. لا بعده، والطفل لا يتعلم وقت الغضب، فحين ينفجر أو يخطئ، فإن عقله العاطفي يكون في حالة غليان، ولا يستقبل التوجيه، وحينئذ يأتي دور الوقاية التربوية، أي بناء العادات والسلوكيات قبل حدوث الموقف، بالتكرار الهادئ للتوجيهات اليومية، والاتفاق على قواعد واضحة داخل المنزل، واستخدام القصص واللعب لتعليم القيم، والتحاور معه في عواقب الأفعال، وليس فقط نهيه عنها، بهذا، يتحول الضبط إلى اتفاقٍ تربوي، لا معركة سلطوية.

العواقب أفضل من العقوبات

حين يخطئ الطفل، بدل الصراخ أو التهديد، يمكننا تطبيق عواقب طبيعية أو منطقية، مثل:

  • إذا كسر لعبة لأنه رماها: «لن نتمكن من شراء لعبة جديدة فورًا، علينا الانتظار».
  • إذا لم يرتب ألعابه: «لن نفتح لعبة جديدة قبل أن نُنهي القديمة».

العقاب يثير الخوف أما العاقبة فتثير الفهم وهذا هو الطريق إلى سلوك نابع من وعي لا من رهبة

العقاب يثير الخوف، أما العاقبة فتثير الفهم، وهذا هو الطريق إلى سلوك نابع من وعي، لا من رهبة.

بين الحزم واللين.. الطفل يحتاج حدًّا دافئًا، ليس المطلوب أن نكون متساهلين، بل أن نكون حازمين بلطف. نعم، يوجد حدود يجب أن تُحترم.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة