تربية دون ضرب.. تعرف إلى العقاب بالمدح

على عكس الأفكار التقليدية السائدة للعقاب لدى كثير من الآباء والأمهات التي غالبًا ما ترتبط بالتهديد أو التوبيخ أو اتخاذ إجراء سلبي تجاه السلوك غير المرغوب فيه لدى الطفل، يوجد أسلوب تربوي اسمه العقاب بالمدح.

يستخدم الثناء أو المدح فيه أداة تهدف إلى إظهار السلوك غير المقبول أو تشجيع الشخص على الشعور بالذنب أو التقليل من إحساسه بالفخر.

اقرأ أيضًا تربية دون ضرب.. ماذا تعرف عن العقوبة بالخصام؟

ما طبيعة العقاب بالمدح؟

العقاب بالمدح فضلًا على أنه أسلوب تربوي، هو أيضًا نوع من العقاب النفسي الذي يهدف إلى التأثير في المشاعر الداخلية للفرد بدلًا من اتخاذ إجراءات ظاهرة أو جسدية.

على سبيل المثال عندما يظهر طفلك سلوكًا غير مقبول، كأن يعتدي بالسب أو الشتم على أحد إخوته أو زملائه أو أقرانه، تبدي الأم دهشتها قائلة: «معقولة، أحمد حبيبي المؤدب المهذب الذي كل الناس تتغنى بأخلاقه يقول هذا، مؤكد أن ما سمعته غلط، صح يا حبيبي».

يستخدم المدح لإظهار المبالغة في تقدير السلوكيات الخاطئة أو المرفوضة اجتماعيًا، بهدف جعل الشخص يشعر بالاستغراب أو الشعور بأن الآخرين يرونه في صورة غير حقيقية.

والعقاب بالمدح أسلوب تربوي قد يبدو للوهلة الأولى غير تقليدي؛ لأنه يستخدم الثناء أو المدح في سياقات تربوية وسيلةً لعقاب فرد على تصرف غير لائق.

اقرأ أيضًا لماذا لا تجرب هذه الطريقة في العقاب بدلًا من الضرب؟

تأثير العقاب بالمدح

هذا الأسلوب التربوي الإيجابي يظهر التباين بين ما يُقال وبين الفعل، ما يُحدث تأثيرًا نفسيًا يجعل الفرد يعيد النظر في سلوكه؛ لذلك العقاب بالمدح ليس مجرد أسلوب تهكمي، بل هو أداة تعليمية تحمل في طياتها رسائل غير مباشرة تهدف إلى تعديل سلوك الشخص دون اللجوء إلى العقوبات التقليدية.

في ذات السياق يهدف هذا الأسلوب إلى تحفيز الشخص على التراجع عن سلوكه غير المرغوب فيه بشعوره بالإحراج أو بالوعي الذاتي تجاه تصرفاته.

على سبيل المثال قد يُشيد المعلم بجواب غير صحيح من طالب إشادة مبالغًا فيها، ما يجعل الطالب يشعر بالحرج عندما يدرك أن ما فعله ليس صحيحًا، وبذلك يدفعه إلى تصحيح سلوكه في المستقبل.

اقرأ أيضًا لا للضرب.. تعرَّف على أسلوب العقاب بالزجر وفوائده التربوية

لماذا العقاب بالمدح؟

لأسباب عدة، يبدو العقاب بالمدح أسلوبًا تربويًا مميزًا؛ لأنه يحترم إنسانية الطفل، ولا يمتهن كرامته، على عكس الضرب والإيذاء البدني الذي يترك آثارًا نفسية سيئة في نفس الطفل.

إن المدح المبالغ فيه على تصرف غير لائق أو مقبول من الطفل، يجعله مجبرًا على التفكير في سلوكه ومراجعته؛ أي إن المدح يصبح أداة تنبيه، يظهر السلوك الفعلي مقابل ما يُقال، ومن شأن هذا الأسلوب أيضًا أن يساعد الطفل على أن يكون أكثر وعيًا بتصرفاته وتأثيرها في الآخرين.

الملاحظ أيضًا في العقاب بالمدح أنه يعتمد في جزء منه على الإحراج الناتج عن تناقض المدح مع الفعل، فيشعر الطفل بالحرج من تصرفه، ويعترف ضمنيًا بأنه قد تصرف تصرفًا غير مناسب، وبذلك يصبح أكثر وعيًا بخطورة سلوكه، ما يجعله يسعى إلى تعديل سلوكه لتجنب هذه المواقف المحرجة في المستقبل. 

ما يجب على الوالدين أخذه في الحسبان عند تطبيق هذا الأسلوب التربوي أن يُستخدم العقاب بالمدح في الوقت المناسب، فالتوقيت الخاطئ يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية؛ مثل الشعور بالإحراج المبالغ فيه أو فقدان الثقة بالمربي.

ورغم أن العقاب بالمدح يمكن أن يكون فعالًا، لكن تكرار استخدامه استخدامًا مفرطًا قد يؤدي إلى تأثيرات عكسية؛ لذا يجب تطبيقه باعتدال مع الحرص على عدم إلحاق الضرر بالعلاقة بين المربي والمتعلم.

وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم في التعليقات أسفل هذه المقالة عن التطبيق الأمثل لأسلوب العقاب بالمدح، والمشكلات التي قد تعوق تطبيقه.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

اسلوب يجب الأخذ به في التربية الحديثة خصوصاً للأجيال الحالية
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة