تحليل مقطوعة "عتب ما للخيالِ" لأبي العتاهية ، هذه المقطوعة تقع ضمن منطقة شعر الغزل العذريّ العفيف؛ إذ فيها شكوى وتذلُّل، وحديث عن طيف الخيال، وإشارة إلى نحول ونحافة وضعف ناتج عن طول التفكير في المحبوبة والأرق، إعداد/محمد سيد عبد الفتاح.
اقرأ أيضا انتحال الشِّعر الجاهليّ
نص المقطوعة
عُتْبَ، ما لِلخَيالِ •• خَـبِّريني ومـالـي؟
لا أراهُ أتــــانـي •• زائــرًا مُــذ لَــيــالِ
لو رآني صديقي •• رَقَّ لي أو رثىٰ لي
أو يَراني عَدُوِّي •• لانَ مِن سُوءِ حالي
اقرأ أيضا العصر الأموي وفن النقائض في الشعر الجاهلي
تحليل المقطوعة
هذه المقطوعة تقع ضمن منطقة شعر الغزل العذريّ العفيف؛ إذ فيها شكوى وتذلُّل، وحديث عن طيف الخيال، وإشارة إلى نحول ونحافة وضعف ناتج عن طول التفكير في المحبوبة والأرق. وهذا على عكس الغزل الحسيّ، الذي يتميّز بوصف مفاتن المحبوبة وتصوير الشاعر نفسه بصورة المترفِّع المطلوب اللامبالي بمصير العلاقة.
وقد بدأها الشاعر بنداء «عتب»، ولم يكن نداءً عاديًّا، وإنما كان نداءً مُرخَّمًا، وهذا الترخيم لا يكون إلا مِن عاشق متودِّد أو إنسان مقرَّب يُحسّ بصلةٍ ما بينه وبين المُنادَىٰ، أو يحاول أن يَفرض هذه القرابة على المخاطَب. وربما رخَّم الشاعر اسم المحبوبة لعلَّ الترخيم يوافق هوى المحبوبة فترضى عنه وتبتسم وترقّ.
ثم سأل «ما للخيالِ ومالي»؟! وهو استفهام تعجُّبي، يتعجب من حاله مع الخيال. ثم إنه لم يكتفِ بأن يسأل سؤالًا مجرَّدًا، فزاد عبارة «خبِّريني»، وهي عبارة اعتراضيّة، ولكنها توحي بأن الشاعر حريص على معرفة جواب عتبةَ. وموضع عبارة «خبريني» بعد كلمة «عتب» أو بعد السؤال «ما للخيال ومالي؟». ومع أن «خبِّريني» فعلُ أمرٍ، فإنه بلاغيًّا يُفيد الالتماس، بل الاستعطاف المقرون بالتذلُّل.
اقرأ أيضا الأدب العربي بين شاعر التنوير وشاعر التصوير
العبارة الاعتراضية
فهذه العبارة الاعتراضية التي تُفاجئ القارئ بكونها تفصل بين أجزاء السؤال تجعل البناء مضطربًا في الظاهر، وتجعل تركيب الجملة قلقًا، ولكن الحقيقة أن الشاعر لم يستطع صبرًا وهو يُلقي السؤال، فنطق بكلمةٍ تعبّر عن قلقه وهياج بلابله.
ثم ذَكَرَ لها حاله مع الخيال، ورَفَعَ شكواه إليها قائلا: "لا أراه أتاني زائرًا مذ ليالِ". هذا هو مختصر الشكوى. الخيال انقطعتْ زيارته، ويبدو أن الشاعر انتظر زمانًا طويلًا إذا اعتمدنا على أن كلمة «ليالِ» جمع كثرة، أي ما يَزيد على سبع ليالٍ. أما جمع القلة لكلمة «ليلة» فهو «ليلات».
ويبدو أن العاشق يَلَذُّ له أن يستحضر خيال المحبوبة. حتى إن قيس بن الملوَّح قال في نفسه ، وأخرُجُ مِن بينِ البُيُوتِ لَعلَّني •• ألاقي خيالًا منكِ ...
فخيال المحبوبة، ما دام اللقاء صعبًا، يُطَـمْـئنُ النفسَ ويُعزِّيها، وهو الأمل الأخير الذي يتشبث به العاشق ليستبقيه.
والخيال -كما يقول ابن منظور في معجم لسان العرب- هو الطَّيف. وهو ما تشبَّه لك في اليَقظة والمنام من صورة الخيال هنا صورة المحبوبة التي تتراءى للشاعر في خَلوته ووَحدته فتُخاطبه ويخاطبها ويبث همومه إليها.
الشاعر شكا من هِجران خيال عتبة له، ويبدو أن «عتبة» لا تعلم شيئًا عن أمر خيالها الذي يزور الشاعر، ويبدو أنها لا تملك أمرَ زيارته أو عدمه، فلماذا شكا إليها إذنْ؟ لقد شكا إليها لأن التخيُّل يَضعُفُ شيئًا فشيئًا، ولا بدَّ من إعادة رسم صورة المحبوبة في الذاكرة، حتى إذا جاء الليل وأرخى سُدولَه أخرج الشاعر من جيب ذاكرته صورة محبوبته ملتمسًا منها العزاء والسلوان. إن الشاعر يطلب لقاء عتبة نفسها، فإن في ظفره بالنظر إلى وجهها نقشًا جديدًا لصورتها في الذاكرة. إذنْ فالحلّ يكمن في اللقاء، وبه يتمّ الشفاء.
وبالربط بين البيت الأول والبيت الثاني، ولا بد من هذا الربط، نجد أن أبا العتاهية أراد أن يقول: يا عتبة، خبّريني، ما للخيال لا يزورني؟ وما ليَ لا أراه؟
ثم إن الشاعر أشار إلى حاله السيئة التي أصبح عليها منذ انقطعت زياراتُ الخيال، وبيَّنَ أن الصديق والعدو كليهما لم يستريحا لمنظره البائس، والصديق والعدوّ قد يكون كناية عن كلّ أحدٍ، إذ حتى الغريب سوف يُشفِق على الشاعر. وذلك كما كان يعبّر بعض الشعراء بلفظتَي "السهل والجبل" معًا عن كلّ مكانٍ.
وأقف عند قوله: «رَقَّ لي أو رثى لي»، فإن الرثاء لا يكون -عادة- إلا في ميِّت، وعلى هذا فإن «رثى لي» تعبِّر بأبلغ لفظ عن تلك الحالة المُؤسِفة التي وصل إليها العاشق من الحب والجوى.
مظاهر الإيجاز
ونظرًا لِقِصَرِ هذا الوزن لجأ الشاعر إلى الإشارة والإيحاء، وفي ذلك إيجاز.
وقد تمثل الإيجاز في حَذفِ حرف النداء، وترخيم المنادى، وترك القارئ يستنبط أن الخيال المعرَّف في البيت الأول هو خيالُ عتبة لا سواها، وتركه يستنبط الأسباب التي تدعو إلى رِقَّة الصديق ورثائه، كالهزال والنحول والضعف والفتور وشرود الذهن، والحال السيّئة التي أرهقت الشاعرَ فإذا الذي بينه وبين الشاعر عداوة كأنه وليٌّ حميم.
-
الوزن
هذه المقطوعة قد خَرَجَتْ على أوزان البحور التي تحدَّث عنها الخليل بن أحمد. وقد سُئل أبو العتاهية يومًا لمَّا قال شعرًا لا يُوافق أعاريض شعر العرب: هل تعرف العَروضَ؟ فقال: أنا سبقتُ العَروضَ. وفي رواية أخرى: أنا أكبر من العروض.
واختلف العلماء في هذا الجواب، فقال فريق منهم إن أبا العتاهية كان ينظم الشعر من قبل أن يفكِّر الخليل بن أحمد في تأليف كتاب العروض، وحصرِ أشعار العرب في خمس دوائر. ومعنى هذا أن أبا العتاهية أعلم بأوزان الشعر من الخليل، وأن هذا الوزن مما وقع في الشعر القديم، ولكنه لمَّا قلَّ في أشعار العرب أغفَلَهُ الخليل، وربما كان مما لم يتنبه إليه الخليل، وذلك جائز جدًّا.
علم العروض
وأما الفريق الآخر فيصوِّر أبا العتاهية شخصية متمرِّدة تُعلِن لا مبالاتها بالأوزان التي حصَرَها الخليل، وتوضح أنها لا تكترث لِقواعد الخليل أو سواه. وفي هذا تقليل من شأن علم العروض.
ولا شكَّ في أن الذي بين هذين الرأيين فرقٌ عظيم.
ووزن هذا المقطوعة:
فاعلن فاعلاتن •• فاعلن فاعلاتن
وهو وزن قصير، يلائم الغناء الذي شاع في العصر العباسيّ. ولا شك في أن تغنّي القيان بهذه المقطوعة ممّا قد يُقرّب بين الشاعر ومحبوبته، وينشر ذكر عشق الشاعر لعتبة في جميع مجالس الغناء.
وارتباط التجديد في أوزان الشعر بذكر «عتبة» يدلُّ على أن عتبة كانت تملك عليه نفسه، حتى في ذلك الوقت الذي يشحذ همته لشيء مختلف في شعره هو اختراع وزن جديد.
-
القافية
حرف الرويُّ هو اللام المكسورة وهي قافية مطلقة. وكسر حرف اللام ربما يكَشِّفُ لنا عن هبوط وتدنٍّ، وخضوع وتذلُّل، ومطُّ اللام إطالة للأنين المُوجِع ونفث للهمِّ الجاثم على صدر الشاعر.
-
الطبع والصنعة
صرَّع أبو العتاهية البيت الأول فقط من المقطوعة، وهو أمر معتاد في بداية القصيدة. وجاءت المقطوعة تعبِّر عن شاعر مطبوع، يخلو كلامه من الركاكة -رغم استعماله لوزن جديد ووقوفه على أرضٍ لم تُوطأ مِن قبلُ- ويخلو أيضًا مِن الزخرفة اللغوية.
فالمُحَسِّنات البديعيّة هي تلك المحسنات التي -إن استُعمِلت بحذر وفَهم- تأسر لُبَّ القارئ والسامع. ومنها الجناس والطباق وتكرار حرف معيَّن في البيت على نحو لافتٍ. وقد كان مسلم بن الوليد في الرعيل الأول من الشعراء الصانعين لشعرهم.
ثم جاء أبو تمّام وعليّ بن الجهم وابن المعتزِّ وابن الفارض وغيرهم فأعتَدُوا لهذه الصناعة عُدَّتهم وظلوا يطلبونها في كل بيت -ما استطاعوا- حتى امتلأت أشعارُهم بهذه الألاعيب الظريفة المدهشة.
مصطلح الإخلاء
ومصطلح «الإخلاء» معناه أن يمرّ بك بيت من الشعر فلا تَلفِتُك فيه محسنات بديعيَّة، ولا يوقفك تجنيس (جناس) ولا تطبيق (طباق) ولا ترصيع ولا غير ذلك مما يَزين الشعر أو يَشينه.
وأبيات هذه المقطوعة مُخلاة، أخلاها الشاعر من كل تكلُّفٍ يُتعِب الذهن في التعمُّل والتصنُّع والبحث والاحتيال. حتى حرفا الراء واللام اللذان تكررا ثلاث مرات في البيت الثالث يَتضح لنا أنه مما جاء عفوًا، وأنه مما لم يقصد الشاعرُ إليه قصدًا.
قراءات مقطوعة عتب ما للخيال لأبي العتاهية
-
قراءة بنيوية
في هذه القراءة سنبحث عن الثنائيات في هذا النص، فأول علاقة ثنائيّة جدلية قد جمَعَتْ بين أبي العتاهية وعتبة، الرجل والمرأة، العاشق والمعشوق، فالشاعر محبّ خاضع متذلل شاكٍ يرضى بالقليل من محبوبته (خيالها) ولا يبالي بالموت في سبيل ذلك. أما عتبة فإنها مترفعة محجوبة تصد وتهجر ولا تبالي بعذاب مَن تدلَّه في غرامها.
وثمة علاقة بين الشاعر والمجتمع الذي يمثله الصديق والعدوّ، وهي تبرز أن الصديق يخشى ويعطف ويلوم ويتحسر، وأن العدو يبتسم راضيًا بما وصلتْ إليه حال الشاعر من العشق. إذ العشق قد تكفَّل بما كان العدو يَنوي فعله بالشاعر. وجدير بالذكر أن كلمة «الصديق» تأتي بمعنى «الأصدقاء»، وكلمة «العدوّ» تأتي بمعنى «الأعداء»، فهما من الكلمات التي تدل على واحدٍ أو أكثر.
-
قراءة تفكيكيّة
لم يكن أبو العتاهية عاشقًا، ويدل على ذلك أنه اختار إحدى جواري الخليفة العباسيّ حين نزل بغداد. كان همُّه أن يبلغ الخليفة ويصل شعره إلى أذنيه، وقد كان بارعا في الغزل يعيش حياة مجون ولهو، فاستعمل هذه المهارة في التغزل بجارية تعيش في أرجاء قصر الخلافة ليقترب من السلطة والسلطان.
إن أبا العتاهية كان يتقرب إلى الخليفة لا إلى جارية من جواريه. وقد التمس لذلك مقطوعة قصيرة ووزنًا سريعًا يلائم الغناء حتى يشيع ذلك في المجتمع. وتروي الروايات أن أبا العتاهية تعرَّض للسجن بسبب تغزله في عتبة، وفي السجن كان يرسل شعره -بيانه الساحر- إلى الخليفة.
مستمتعًا بذلك القرب من الخليفة، وبرؤية الخليفة لشعره. وقد كان أبو العتاهية فقيرًا يبيع الجِرار فاحتال ليغتني، وكان الشعراء يطمعون في أن يدخلوا على الخلفاء ويُنشِدوهم أشعارهم لينالوا الجوائز. وقد بلغ أبو العتاهية ما أراد، متخذًا "عتبة" وشعره القريب من الأفهام سُلَّمًا، فصار من المقرّبين لقصر الخليفة، الحاضرين في مناسباته، حتى قال:
أتتْهُ الخلافةُ مُـنقادةً •• إليه تُـجَـرِّرُ أذيـالَها
ولم تكُ تَصلُحُ إلا له •• ولم يَك يصلح إلا لها
وهذا الذي سعى إليه أبو العتاهية عبَّر عنه أبو نواس، وهو تلميذه المقتفي لأثره، حين قال:
سأبغي الغِنَى إمّا نديمَ خليفةٍ •• نكون سواءً، أو مُخيفَ سبيلِ
وقد صار أبو العتاهية فعلًا أداة طيِّعة من أدوات السلطان، وأخذ يزيِّن للناس الزهدَ -لمَّا عانى المجتمع من الفقر والجَور- ويُذكِّرهم بالموت ناصحًا إياهم بالصبر وانتظار النعيم الأخرَوِيّ. وقد حكى الرواة عنه أنه كان بخيلًا، وهذا دليل على أنه يقول ما لا يفعل، بل يقول ما يُؤمر به.
بل إن هذا دليل على أن انقلاب حال أبي العتاهية إلى الزهد والورع لم يكن عن توبة نصوحٍ ولا لأن عتبة أخبرته بأنه لا سبيل له إليها فاختار العفة الأبديَّة.
قراءة في كتاب العباسة أخت الرشيد
قال جرجي زيدان في كتابه «العبّاسة أخت الرشيد»: «وكان في جملة المرتزقين بالشعر على أبواب الخلفاء أبو العتاهية، وأصله من الموالي مثل أكثر شعراء ذلك العصر».
وكان أبو العتاهية في أول أمره يصنع الجرار، ويحملها في قفص على ظهره، ويتجول في الكوفة ليبيعها، وكان ذا قريحة شعرية فنزل بغداد، وما لبث أن ارتقى بشعره إلى مجالسة الخلفاء. وأول من قرَّبه منهم المهدي بن المنصور، وقد فُتن به وبشعره حتى كان المهدي يصحبه في الصيد أو النزهة ويُكرمه ويُجيزه. وكان ذلك شأنه مع الهادي بن المهدي، ولم تطل مدة حكم الهادي،
ولكنها على قِصرها أثَّرت في قلب أبي العتاهية، فلما مات الهادي عاهد أبو العتاهية نفسه ألا يقول شعرًا بعده.
هارون الرشيد
فلما تولى هارون الرشيد طلب إليه أن يقول شعرًا فأبى، فغضب عليه، وأمر بحبسه في مكان مساحته خمسة أشبار في خمسة، فاستعطفه وقال شعرًا غنَّى به الموصلي؛ المغني المشهور، فأمر له الرشيد بخمسين ألف درهم، وأصبحت له عند الرشيد منزلة كبيرة، حتى كان لا يفارقه في حَضَر ولا سَفَر إلا في طريق الحج، وعين له الرشيد راتبًا سنويًّا غير الجوائز.
وغير ما كان يناله من رجال الدولة وجوائزهم يومئذٍ بألوف الدراهم، فجمع مالًا كثيرًا، لكنه كان مع ذلك طمَّاعًا شديد البخل يجمع المال ولا ينفقه، ولا يدخر وسعًا في حشده بأية طريقة كانت، وخاصة بعد أن نذر الزهد وعاهد نفسه ألا ينظم شعرًا، فقلَّ تكسُّبه من الشعر، فأخذ يغتنم الفرص للاكتساب من أبواب أخرى.
وكان أبو العتاهية في خلافة الرشيد نحو سنة ١٧٨ﻫ يحضر مجلس محمد الأمين بن الرشيد، وهو يومئذ في السابعة عشرة من عمره. وكان الأمين ميالًا إلى القصف واللهو منذ نعومة أظفاره لا يخلو مجلسه من المغنين، وأهل الخلاعة، والجواري، والغلمان، وهو أول من استكثر من الغلمان والخدم.
وتفنن في انتقائهم وتزيينهم. وكان يشهد مجلسه كثيرون من الشعراء، ولا سيما أهل القصف والمجون منهم؛ كالحسن بن هانئ المُلقَّب بأبي نواس. وكان أبو العتاهية مقربًا من زبيدة أم الأمين، فكان يحضر مجلس الأمين لعله يصيب كسبًا أو جائزة بسبيل من السبل. وكان الأمين كريمًا مسرفًا لا يعرف للمال قيمة.
وقال زكيّ مبارك: إن شعر أبي نواس المتعلق بالزهد أفضل وأصدق -رغم قلته- من شعر أبي العتاهية الكثير.
مايو 24, 2023, 5:37 م
المقال أكثر من مفيد وثري جدا وأسلوب دقيق ومشوق.
لقد نشرت مقالات لو أمكنك الإطلاع عليها بهدف النقد البناء وتبادل الآراء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.