عزيزي القارئ، من خلال هذا المقال أنسج قصة من رموز لوحة من لوحات الفن التجريدي للفنان فريد خطاب، فعندما نظرت إلى اللوحة بتأمل استشعرت عدة معانٍ بارزة ومنسجمة مع بعضها بعضًا، فقررت أن أتحسس بعضًا من نثرات الإبداع وأنسج قصة رائعة بتفاصيل ممتعة وأكتبها لك حتى يتسلل هذا الشعور الدافئ إليك مثلما تسلل إلى قلبي من النظرة الأولى للوحة.
اقرأ أيضاً الفنان العالمي بابلو بيكاسو.. معلومات لا تعرفها عنه
تحليل لوحة كارثة تايتنك
عندما نظرتُ إلى اللوحة للوهلة الأولى شعرت بحالة من الرهبة والتوتر قد انتابتني للحظات، ثم بدأت أتأمل المشهد الذي يدور حتى أتعرف على السبب الذي قذف ذلك الشعور بداخلي، ولم تمضِ ثوانٍ إلا ورأيت فوضى عارمة وحالة ذعر وتدافع لم أشاهدها في حياتي.
فقد كانت حالة من الهرج والمرج كما لو كانت الحياة قد انتهت على كوكب الأرض والجميع يحاول أن ينجو بحياته بحثًا عن طوق النجاة الأخير. ولكنني بدأت التمعن أكثر وأكثر في أحداث اللوحة ودخلت في حالة طويلة من التأمل، ولم أتصور ما أخبرني به قلبي وما أبصرتني به روحي، فقد وجدت ذاتي أشاهد الأحداث المأساوية الأخيرة على متن سفينة تايتنك.. نعم، إنها تايتنك!
وكان أول ما لفت نظري وجذبه كالمغناطيس هو مشهد القبطان الذي يقف في أسفل يمين اللوحة ثابتًا مكانه مثل التمثال المشيد بأحد الميادين وكأن الصدمة نزلت عليه كصاعقة من السماء فقد أصابته حالة من الذهول ولم يسعه سوى أن يقف مشاهدًا ما يحدث حوله وكأنه يشاهد فيلمًا سينمائيًّا في إحدى صالات العرض، فما وصلني من شعور يا عزيزي لا تصفه الكلمات، ثم تركته وشأنه.
اقرأ أيضاً الفنان جمال قطب.. فنان الواقعية التعبيرية
قصة لوحة كارثة تايتنك
ووجدت أمام قدميه مياه المحيط التي ثقبت السفينة وتسللت إليها و بدأت تنحدر كشلالات نياجرا.
وانتقلت ببطء أتأمل أحوال ركاب السفينة وأتعرف على شعورهم في تلك اللحظة، فقد كانت الدقائق والثواني يتصارعان وكأنهما يصيحان في وجه الجميع ويقولان إما النجاة.. وإما الموت فلا خيار بينهما.
وبالنظر تدريجيًّا إلى يسار اللوحة وجدت رجلًا ومعه زوجته وطفلهما وهم ممسكو الأيدي بقوة ناظرين بخوف إلى بعضهم بعضًا، فقد كانت لغة القلوب حاضرة، فلم يكن في أيديهم سوى أن يطمئن كل منهم الآخر بأنهم سينجون مما يحدث بمعجزة إلهية، وسمعت صوت الجميع وهم يناجون الله بصوت خافت بالدعاء والصلوات طالبين النجاة من الجحيم.
وعندما اتجهت إلى أعلى اليسار، وجدت عددًا من عمال طاقم السفينة وهم يمسكون حبلًا ضخمًا بين أيديهم ليرفعوا قوارب النجاة التي تأخذ الركاب دفعة تليها الأخرى، وهكذا جميع المشاهد الأخرى تُصور جميع الركاب وهم يقفون متجهين إلى الخارج ليروا مدى التحطم والضرر الذي لحق بالسفينة الأسطورية، منتظرين القدر الذي سيقول كلمته في أي لحظة ويُقرر من الذي سيحظى بفرصة الحياة مرة أخرى ومن الذي سيغادرها.
لم أستطع تحمل ذلك الشعور يا عزيزي، لقد وجدت رجالًا ونساءً وأطفالًا، وجدت صفوة المجتمع ووجدت أيضًا ذوي المكانة المنحدرة، ولكن عندما أوشك الموت تلاشت تلك المسميات والمصنفات المزيفة التي صنعها الإنسان بنفسه.
وتذكر الجميع في آنٍ واحد أنهم بشر ولا فرق بينهم وأنهم روح واحدة، وصغر في أعينهم كل غالٍ ونفيس كانوا يتصارعون من أجله. إنها الحياة يا عزيزي فلا أثمن من الحياة، فإذا وضعنا الحياة في كفة ميزان وأثقلنا الكفة الأخرى بكنوز الأرض من مشرقها إلى مغربها لربحت كفة الحياة بلا نزاع!
أكاد أكون سمعت صوت حديثهم الداخلي، فقد كان كل واحد منهم على أتم الاستعداد لفقدان أغلى وأثمن الممتلكات التي حصل عليها في حياته كي يحيا مرة أخرى، حتى لو كانت حياته على طراز الحياة البدائية، يتنقل بين الغابات ليلَ نهار بحثًا عن الطعام في سبيل أن يكون فقط على قيد الحياة.
حقًّا يظل الإنسان جاهلًا قيمة الحياة التي هي كهدية إلهية سرمدية قد مُنحت إليه وهو غير مبالٍ بها، ويستفيق فقط عندما تأتي اللحظة التي يشعر فيها بأنه يفقدها.
مارس 11, 2023, 11:03 ص
https://www.instagram.com/p/CMAQB9GHX1F/?igshid=YmMyMTA2M2Y= لينك لوحة "كارثة تايتنك
مارس 13, 2023, 8:55 م
بالتوفيق الرجاء الاطلاع على مقلاتي
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.