في هذا النص الشعري يصف الشاعر سعادته بحلول الربيع، ويصور مشاهد الربيع وابتهاجه بكل مظاهرها من تفتح الورود وتغريد الطيور، وكيف أنها ذكرته بأيام الطفولة ومباهجها.
مع زهور الربيع
في البيت الأول يتخيل الشاعر نفسه يسير في إحدى رياض الوادي في فصل الربيع، وما تمتاز الوديان في فصل الربيع باخضراره وتفتح الزهور وتنقل الطيور بين الأشجار وأغصانها وانسياب الأنهار وصفاء مائها.
ويبدي الشاعر شوقه الكبير لفصل الربيع، والاستمتاع بأجوائه اللطيفة المعتدلة، وقد لفت انتباهه زهور الزنبق الجميلة، التي وصفها بأنها من أجمل زهور الوادي.
مشيت في روضة الوادي قرب النَّهر رأيت من زنبقٍ أجمل الزَّهرِ
في البيت الثاني يصف الشاعر إحدى زهور الربيع وهي الأقحوان، فوصفها ونسائم الربيع تمر عليها وتحركها كالطفل في مهده، نظرًا لجمالها ورونقها وتألقها الأخاذ، ثم لفت نظره زهور السوسن قد نمت وتفتحت على أطراف الدور وزادت من جمال روضة الوادي.
وأقحوانٌ يتهادى كالطِّفل في مهده ثم لمحت سوسنًا مزهوًّا في الدَّارِ
اقرأ أيضًا «ثورة في جهنم».. عمل أدبي يغوص في أعماق الفكر الإنساني
وصف النسيم
أما في البيت الثالث فيسجل الشاعر إحساسه بالهدوء والسعادة، عندما هبت أنسام الربيع العليلة فشعر بالراحة والانشراح، ونسمات نيسان تتسلل إلى أنفاسه فأنعشته وأراحت صدره.
هنا يصور الشاعر أحاسيسه نحو الربيع وأجوائه، فبين كيف أن نسمات الربيع وأريج الزهور والورود كإشراقة الشمس.
نسائم عليلة أنعشت أنفاسي وأشرقت في الوادي فوْح الدُّرِ
وفي البيت الرابع يفصل الشاعر مشهدًا من مشاهد فصل الربيع في روضة الوادي، فوقع ناظريه على نهر بعذوبة مياهه ونقائها، وصور انعكاس نور القمر عليه كعناق حميم بين الأم ووليدها.
وجدول هناك في عذوبة الماء معانقًا دفء نور القمرٍ
اقرأ أيضًا قراءة لرواية "مينوس غراندي".. الروايات الكلاسيكية
بين أشجار الوادي
وإذا عرجنا إلى البيت الخامس فتتجلى صورتان معبرتان قدمهما الشاعر، فصوَّر الندى الذي يعلق على الأشجار والنباتات والأزهار، كصبي يلعب ويرتع، وكأنه دموع تقف على جفن العين فصورها مثل اللؤلؤ على بتلات الجوري.
والندى لاهيًا على سفوح الورد منزلقا كلؤلؤٍ على شفير الجوري
أما في البيت السادس فيرسم الشاعر صورة من صور مشاعره وأحاسيسه، فمشهد تفتح الأزهار وعبير الورد، التي فاحت في كل أرجاء الوادي، فتسللت إلى ذاكرته أحلام الطفولة والصبا، وما كان فيهما من مرتع ولهو ولعب.
أنت أزهرت يا وادينا أحلامًا تردد فيها شقاوة العمرِ
ويجدد الشاعر في البيت السابع الذكرى التي تطرق أحاسيسه، وكيف أن هذه الذكرى قد أرجعته إلى حنينه تجاه مرحلة الطفولة وبراءتها بعيدًا عن هموم الدنيا ومكارهها، ويتذكر في خضم تنزهه في بستان الوادي صدى ضحكات وقفشات وابتسامة علت محيا الصغار.
وشذى الزهر أبرق ذكرى شوق من صغرِ لصدى ضحك وبسمة من ثغرِ
اقرأ أيضًا عندما يغرق الشاعر في الخيال .. فكيف يلقي شباكه حول القارئ أو القارئة
سنابل القمح
يتابع الشاعر وصف مظاهر الربيع في البيت الثامن ويظهر مشهد سنابل القمح، التي كأنها مثل الإنسان الذي يغني للربيع في المساء، ويحدد إحساسه بالفرح والسرور لحلول فصل الربيع.
وسنابل القمح تدندن أغنية الربيع للوادي في البدرِ
وصف الشاعر روضة الوادي كأنها جنة الخلد، من جمال منظرها وروعة مشاهدها.
وهذا يأخذنا إلى البيت التاسع حيث يعبر الشاعر عن طربه ومتعته، والنشوة التي اعترته وهو ينصت إلى تغريد وشدو طائر النمنم وهو من الطيور التي تمتاز بروعة تغريدها.
جنة الخلد لكم أطرب مسامعنا نمنمًا حطَّ على الغصن
وفي البيت العاشر يثني الشاعر على صوت طائر الشحرور، وهو يتنقل بين أغصان الأشجار، وصدى صوته يتردد في جنبات الوادي، ما أشعل في صدره نار الهوى لأيام عفا عليها الزمن.
وصدى جلجل الوادي شحرورٌ صوته هيَّج الذكرى والمشاعر
وهنا في البيت الحادي عشر يجسد شعور الهوى الذي سيطر عليه في البيت السابق، فأجمله بتعبير جميل عندما أوضح كيف انطوت أيام الطفولة والصبا وأصبحت ذكرى، وقد شارف على الكبر.
ويؤكد الشاعر في هذا البيت على قَدَرٍ يسير على بني آدم وهو حقيقة التقدم في العمر، وأن لا شيء يبقى على حاله، فكل شيء يتغير.
هوى رؤى طفولة أسرعت بها الخُطا إلى الصبا ودنا مصيرنا للكبرِ
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.