تحليل أداء لاعب كرة القدم المحترف بالطرق الحديثة

في عالم الاحتراف اليوم، لا يُترك شيء للصدفة، فلا يقتصر التفوق على الموهبة فقط، بل يعتمد أساسًا على تحليل الأداء الدقيق للاعب المحترف، ويحدد مواطن قوته وضعفه، بواسطة البيانات والإحصائيات والتكنولوجيا الذكية التي تكشف عن أدق التفاصيل عن أداء اللاعبين، ليصبح تحليل الأداء للاعب المحترف علامة فارقة في مسيرته وفي صناعة كرة القدم الحديثة على مختلف مستوياتها.

أهمية تحليل مباريات كرة القدم

ترى بعد كل مباراة نقاشات وأحاديث كثيرة بين المشجعين، ما بين مؤيد ومعارض لقرارات المدير الفني، ولأداء اللاعب، بل ولقرارات الحكم نفسه. وهنا يبرز دور التحليل بصفته جزءًا أساسيًّا في الرؤية الفنية للمدرب وتوجيهاته، وعاملًا مؤثرًا في كيفية أداء اللاعب لمهامه وواجباته داخل المستطيل الأخضر. 

تُعد البيانات والإحصائيات الخاصة بالمباراة دليلًا وصورة للأداء الفردي والجماعي، لتوضيحها وتحويلها إلى أفكار وكلمات مفهومة تحتاج إلى تحليل باستخدام برامج وأدوات التكنولوجيا الحديثة. وفقًا للبحوث.. فالمدربون واللاعبون يتذكرون فقط أقل من نصف ما يحدث على أرض الملعب، بسبب العواطف الطاغية على المواقف الإيجابية والسلبية التي حدثت في أثناء المباراة.

المصور

مما لا شك فيه أن محلل الأداء عضو أساسي لا غنى عنه في الجهاز الفني، لأنه يُعتمد عليه في الإمداد بجميع المعلومات عن أداء الفريق كله وأفراده وأيضًا عن المنافس. لكن في البداية اقتصر دور محلل الأداء كونه مصورًا فقط على تصوير وتسجيل التدريبات والمباريات، فينشئ مقاطع فيديو لتقديمها للمدير الفني واللاعبين لمراجعتها.

ومع مرور الوقت ازدادت أهمية التصوير والتسجيل، لذا زاد دور محلل الأداء باستخدام أفضل كاميرات التصوير لالتقاط أداء كل لاعب بالفريق على أرض الملعب لعرضها في اليوم التالي خلال الجلسات الفردية مع كل لاعب بقيادة المدير الفني لتقديمه لمناقشة الأخطاء والإيجابيات، إضافة إلى تحليل المباراة بالفيديو للفريق كله، ليكون محلل الأداء مصدرًا لأي مقاطع فيديو خاصة بالفريق واللاعبين قد يطلبها اللاعبون أو المدرب لتحليل مواقف معينة لمراجعتها والتركيز عليها خلال التدريب.

العين الثالثة

بناءً على ما سبق اليوم ظهر التخصص الجديد وهو تحليل الأداء كحجر زاوية في سبيل سعي الأندية المحترفة واللاعبين في النجاح على المستوى التنافسي والاستراتيجي والتكتيكي الذي أصبح محط استثمار كبير للأندية الكبرى واللاعبين المحترفين في أقوى البطولات التنافسية في كرة القدم، فهناك قسم كامل للتحليل في الأندية، أسهم في تطور ورفع قيمة النادي بالمنافسة في كل البطولات المشارك فيها، بل هناك اليوم لاعبون يتعاقدون مع شركات متخصصة في التحليل لتطوير أدائهم.

يُعد محلل الأداء العين الثالثة للمدير الفني، التي ترصد وتتابع كل كبيرة وصغيرة، وتوفِّر نظرة موضوعية لما حدث في المباراة، فيستخدم محلل الأداء علم البيانات والأدوات التكنولوجية معتمدًا أساسًا على البيانات الكمية، إضافة إلى الوسائل النوعية، مثل تحليل الفيديو للتكتيكات والتشكيلات.

في السنوات الأخيرة ونتيجة التطور التكنولوجي الهائل، أصبح محلل الأداء يتعامل مع كثير من أجهزة وبرامج التتبع التي تجمع بيانات أكثر تعقيدًا، ومع تزايد ظهور الكميات الكبيرة من البيانات فيتم عرضها على أكثر من خبير تحليلي للتعامل مع هذه البيانات ونشرها وتكوين رؤى واضحة للاستفادة منها.

برامج تحليل مباريات كرة القدم للكمبيوتر

يجمع محلل الأداء كمية كبيرة من البيانات من المباريات وجلسات التدريب التي يمكن تحليلها على المدى القصير (تحليل آخر مباراة) أو على المدى الطويل، باستخدام برمجيات وتكنولوجيا متطورة، فيمكن للمحللين تحويل البيانات الخام إلى أفكار مفيدة، ويقدم السوق كثيرًا من الأدوات والمنصات المصممة لتحسين تحليل البيانات في الإدارة الرياضية أبرزها:

• أوبتا سبورتس: موقع يوفر إحصائيات مفصلة عن المباريات واللاعبين والفرق بناءً على البيانات الكمية.

• بروزون: هذه الأداة تقدم تحليلًا تفصيليًّا للمباريات، مع مقاييس متقدمة لأداء اللاعب.

• سبورتكود: أداة توفر إحصائيات مباشرة (لحظة بلحظة) التي تستخدم غالبًا في أثناء اللقاء وبين شواطئ المباراة. 

• كاتابولت: وهي أدوات قابلة للارتداء، وتتبع مقاييس الأداء البدني للاعبين، مثل السرعة والتحمل.

• هودل: هي أداة تجمع بين تحليل الفيديو والتحليل التكتيكي والفني.

• سوكرمنت وأوبتا: هي مواقع توفر البيانات الضرورية لالتقاطها وترميزها وتحليلها بأكثر الطرائق فاعلية، وتقديمها للجهاز الفني في صورة تقارير أكثر احترافية.

بيانات المستطيل الأخضر 

الفكرة من جمع البيانات وفقًا لأهداف قسم التحليل والنادي، هي إنشاء قاعدة بيانات لكل من الأحداث الجيدة والسيئة التي تعد اليوم ركيزة أساسية في الإدارة الرياضية، فتعطي المدير الرياضي معلومات ذات صلة لم يكن من الممكن الوصول إليها في السابق أو كان من الصعب تفسيرها. وتوجد أنواع عدة للبيانات المستخدمة في التحليل الرياضي لتحسين عملية صنع القرار للإدارة الرياضية:

1. بيانات الأداء الفردي: لتقييم الأداء البدني والفني للاعبين.

2. البيانات التكتيكية والاستراتيجية: توفر تحليلات لمراكز وتحركات اللاعبين على أرض الملعب في أثناء المباراة.

3. بيانات طبية: هي معلومات عن وظائف الجسم والصحة، تعطي رؤية قيمة حول الحالة البدنية للاعبين؛ ما يساعد في منع الإصابات وتحسين الإعداد البدني.

4. تحليل المنافس: تخليل أداء الفرق المتنافسة ونقاط ضعفهم وقوتهم.

مطلوب محلل أداء

ازدادت الحاجة إلى محلل أداء لكرة القدم في معظم الأندية، فإذا كانت إمكانات النادي منخفضة غالبًا ما يكون هناك محلل واحد فقط، يؤدي أدوارًا عدة بتفسير وتحليل بيانات كرة القدم، وهي كالتالي:

تصوير المباراة والتدريبات

يجب أن تكون جيدة من حيث جودة التصوير، ووفقًا للهدف النهائي للتحليل الذي لا يخرج عن ثلاثة احتمالات وهي: تدريبات الفريق، وحالات اللعب المختلفة للفريق في أثناء المباراة، ومواقف الخصم المحتملة.

تحليل الأداء الفردي والجماعي 

تساعد المدير الفني في اتخاذ قرارات مهمة بخصوص التكتيك والتشكيل الأفضل للفريق.

دراسة الخصم أو المنافس

 يساعد الجهاز الفني في التحضير أفضل للمباريات، وردود فعله الفنية والتكتيكية.

عرض التحليل

أي تلخيص النتائج والأفكار التي توصل إليها بإيجاز وفاعلية، سواء بالكتابة (تقرير) أو عن طريق فيديو توضيحي، خاصة في ظل توالي المباريات وضيق الوقت بينها.

قسم التحليل

في حالة الأندية المحترفة الكبرى ومع زيادة الميزانية والدعم المالي المقدم من قبل الإدارة، ظهر قسم تحليل الأداء بوصفه أداة لا غنى عنها في الإدارة الرياضية الحديثة، لتغطية كل عناصر التحليل، بل أصبح هناك تخصصات داخل التحليل، مثل محلل الكشافة والمحلل التكتيكي ومحلل التدريب ومحلل الخصم حتى محلل الكرات الثابتة، وهي وظائف ناشئة داخل المنظومة الرياضية الحديثة، فيعد نادي مانشستر سيتي مثالًا ناجحًا لتطور عالم التحليل، فهل تعلم أن المدير الفني الشهير "بيب جوارديولا" يستعين بـ 16 محلل أداء؟! 

إن قسم التحليل يقدم تقارير دورية للجهاز الفني والإدارة الرياضية، معتمدًا على التقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي والخوارزميات التنبؤية، لتمد الإدارة الرياضية برؤية شاملة للحاضر والمستقبل على المدى القريب والبعيد، لاتخاذ القرارات ووضع الخطط.