حياة الإنسان خلال الزّمان والسّنوات والشّهور والأيّام تمرّ بعدّة مراحل أهمّها بالطّبع مرحلتين هما: مرحلة الشّباب وتنتهي المراحل بمرحلة الشّيخوخة.
خلال مرحلة الشّباب تجد الإنسان ينبض بالحياة والصّحّة والعافية واللّياقة والفتوة والحماس والإقدام والأمل والانفتاح على كلّ مناحي الحياة، وعدم الخوف من شيء، والتّخطيط المستمر للمستقبل، والنّظر بتفاؤل لكلّ ما هو قادم، ويبدأ الإنسان في تكوين عالمه الخاصّ من أصدقاء وعائلة ودراسة وعمل، وتجده دومًا منطلقًا، وطموحه ليس له سقف ولا حدود، وتجد عينيه لامعتين تمتلئ ذكاء وحبًّا للمعرفة والتّعلّم، ولا يكتفي من شيء بل يريد الاستزادة من كلّ ما تصل يده إليه، ويسعى للتّغيير والتّجديد والحداثة، وكلّما واجهته مصاعب أو عوائق حاول كسرها، وتخطيها ولو وقع يعود فيكرّر المحاولة حتّى يقف ثانية بلا انكسار أو انهزام.
ولكن عكس ذلك تمامًا هي مرحلة الشّيخوخة عند الإنسان.. فإنّنا نجده وقد أنهكه الزّمن، وترك بصماته على وجهه وملامحه وتجاعيد بشرته، وأصبح إنسانًا بائسًا يائسًا حزينًا منكسرًا، وبدلًا من أنّه قد كان شابًّا يافعًا ينبض بالحياة والصّحّة والعافية تحوّل إلى شيخ وقد خارت صحّته، وضعفت أقدامه الّتي تحمله وتشعر في خطواته الثّقيلة وكأنّ الأرض تتنمّر عليه، وكأنّها تستعدّ لابتلاعه، ولا تقدر قدميه على حمل جسده الّذي أصبح ثقيلًا عليها فجأة، وأصبح حملًا زائدًا، ورقمًا على اليسار، وكأنّه لا يحسب حسابه أحد، ولا يهتمّ به شخص ما، وتصير حياته كئيبة، وينفض عنه النّاس، ولا يملك سوى ذكريات فتوّة راحلة، وذكريات صحّته وعافية زائلة.. فأصعب شيء في الحياة هو أن تذهب صحّتك في مهبّ الرّياح، وقد فقدت مجداف وشراع حياتك بعد أن لعبت بك أمواج الزّمان، وتشعر أخيرًا بأنّ كافّة الأشياء الّتي كانت لها معنى وطعم زمان.. قد أصبحت اليوم بلا معنى، ولا يشغلك سوى انتظار قاس ومذلٍّ لقدر محتوم
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.