الحياة والموت أمران متلازمان لا مفر منهما، وهما الحقيقة المطلقة الَّتي لا يستطيع أحد أن يتجاوزها. وأمرهما مرهون بالخالق عزّ وجلّ ولا يملك الإنسان من أمرهما شيء.
إن الموت هو أحد أكبر الأسرار والظّواهر المبهمة في الكون. إنه حقيقة غير قابلة للإنكار، إنه عالمٌ خفيّ لا يدركه سوى الراحلون، سوى من ذاقه، وعاش ما عاشه، إنه عالمٌ غريب مليء بالأسرار بل هو الغيب بحد ذاتهِ يستأثر بهِ الله دون غيرهِ، ومجرّد التفكير به يُثير شعوراً بالخوف لدى الكثيرين.
إن ارتباط الإنسان في عالم المادة والمحسوسات الَّذي أصبح جزءا راسخًا منها، مرتبطًا فيها شديد الارتباط، جعل من الموت أمرًا منسيًا، وقد لا يخطر على البالّ... إلا أن موتك أيها الإنسان ليس أمرًا عادياً كما أنه ليس نهاية هذا العالم، لكن يحمل في طياته العديد من الخفايا والأسرار..
وما أدراك لعله ينكشف البعض منها؟ نعم لا تتعجب؟
نشهد اليوم ظاهرة غير طبيعيّة بل نادرة الحدوث ولكن حدثت! وهي العودة من الموت... تجربة استثنائية تعرف "بتجربة الاقتراب من الموت".
تجربة "الاقتراب من الموت Near death Experience NDE أو "الموت الوشيك" هي تجربة تعبر عن مجموعة من "الرؤى" و"الأحاسيس" بعد موت سريريّ أو غيبوبة متقدّمة، ومن بينها الإحساس بـ "الانفصال عن الجسد" ورؤية كاملة لشريط الحياة الماضية، ومع فقدان كاملٍ للشعور بالآلام، ثمّ الدخول في نفق يُفضي إلى ضوء ناصع والشعور بحبّ لا نهائي وسلام أبديّ.
هي من التّجارب المتكرّرة مع أشخاص من مختلف الأعمار والأماكن، توقف قلبهم لدقائق قليلة، ثمّ عادوا إلى الحياة مرّة أخرى، واستيقظوا بعدما كانوا على وشك الموت، ليشتركوا في العديد من الخيوط والعناصر المتشابهة، والَّتي تخلق نوعًا من الوهم وكأن هناك شيء ما ينتظرنا على الجانب الآخر.
لذا تخيّل معي أيّها القارئ!
تخيل نفسك في حلم ينتابك فيه شعور قويّ بالوجود، شعور حقيقيّ إلى أقصى مدى، أكثر التّجارب واقعيّةً في حياتك، فتشعر وكأن روحك تحلِّق مبتعدةً عن جسدك وتنظر إلى وجهك. وإذ يومض شريط ذكريات حياتك مارًّا أمامك، تشعر بوخزة من الخوف، لكنك بعد ذلك تجتاز عتبة التّسامي، ويغمرك شعور بأنك في النعيم.
نعم، هكذا كان أغلبهم يروي قصّته وهو يبكي ولكنهم غالبية الَّذين عاشوا التّجربة يحكون عن أحاسيس فيّاضة وشعور أبديّ بالحبّ والسّعادة لم يسبق لهم أن عاشوه ذلك في حياتهم.
في الطّرف المقابل اتفقوا من مروا بالتّجربة أنهم رأوا مخلوقات مرعبة لم يروا لها شبيها فيما رأوا...
يا ترى فهل هذا جنون وهذيان، أم أنها ظاهرة غامضة لم يكشف العلم بعد عن كل خباياها؟
بعيداً عن الجانب الروحيّ وهوية الفرد الثقافيّة أو الدينية كان للعلم مفهوم آخر، حيث وفقًا لأكثر الدراسات الَّتي قام بها باحثون من علماء وأطباء فإن أكثر الظّروف ملائمة لحدوث مثل هذه التجربة تتضمن حدوث أعراض وحالات مرضيّة خطيرة وإن أكثر أسباب هذه التّجارب ترددًا هو التغيّر الحاصل في فسيولوجية الدّماغ كموت خلايا الدماغ، أو كزيادة أو نقصان في بعض الإفرازات، وربما بسبب إفراز مادة الإندورفين، أو حالة اقتران بين رد الفعل النفسيّ والنقص الحاصل في الأوكسجين.
في حين أن البعض الآخر يقول إن الأمر لا يعدوا أن يكون مجرّد هلوسة أو توهم. في المقابل يوجد نظرية أخرى الَّتي تعتبر أن هذه الحالات ليست فقط انعكاس لكيمياء وإفرازات الدّماغ بل وفق العديد من الدراسات تمّ التأكد بأن في بعض الأحيان يكون الدّماغ في حالة جيّدة!
فيا ترى من على حقّ ومن يملك التفسير الصحيح!؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.